جعجع يقطع الحقبة الباسيلية من جذورها
د احمد خواجه – لبنان الجديد
لخّص جعجع بهدوئه واستقامته مشاكل البلد المتفاقمة بصورة ميلودرامية، يتقدّم باسيل بقانون استعادة الأموال المنهوبة، ليغمز جعجع من قناته، بأنّه في طليعة الناهبين، إلى من تشكو همومك؟!
في الحديث: إنّ الإسلام يجُبُّ ما قبله، والتوبة تجبّ ما قبلها، أي يقطعان ويمحُوان ما كان قبلهما من الكُفر والمعاصي والذنوب. بالأمس ظهر الدكتور سمير جعجع رئيس حزب القوات اللبنانية في برنامج “صار الوقت” مع الإعلامي السيد مارسال غانم، ليقطع “الحقبة الباسيلية ” التي سادت منذ حوالي العام، حقبة تجاذبات ومناورات تأليف الحكومة الحالية، ووضع الوزير باسيل يدهُ على مفاصل رئاسة الجمهورية، والهيمنة على تيار الرئيس عون(قبل وضع يد باسيل عليه) ووزرائه ونُوابه، وجولاته الاستفزازية في المناطق وما رافقها من خطابات الاستعلاء والعنصرية والطائفية.
بدأ جعجع الحلقة بقوة ليدحض حُجّة المجلس العدلي الذي يُعطّل عمل الحكومة منذ أكثر من شهر، بتسجيلٍ مرئي لحادثة قتل الشهيد هاشم السلمان، والاعتداء على عناصر حزب الإنتماء اللبناني من قِبل عناصر محمية من حزب الله، ومع ذلك لا تحقيقات في الحادثة ولا توقيفات ولا مُلاحقات ولا مجلس عدلي أو غير عدلي، مع أنّ المُعتدين ضاهرة وجوههم وعِصّيهم واسلحتهم، ليخلص جعجع من ذلك للقول في حادثة قبر شمون بأنّ السياسة هي التي تتحكّم بالقضاء وليس العكس.
ويُواصل جعجع دفاعه عن خيار انتخاب الجنرال عون رئيساً للجمهورية، بأنّ اتفاق معراب كان مبنيّاً على تعهدات ضمنية من قِبل الرئيس عون بجذب عون لحزب الله إلى الداخل اللبناني، لا أن يذهبا معاً باتجاه”طهران”، ومن ثمّ فإنّ الاتفاق كان مدموغاً بورقة تفاهم مع الوزير باسيل، ليتبيّنَ فيما بعد أنّ باسيل لا يريد بجانب العهد طرفاً مسيحياً قويّاً، بل يريد الاستئثار والتّفرّد بكل شيء، وللغرابة والمفارقة أن يكون باسيل من أشد العاملين على إفشال مسيرة العهد، وعندما يُلح غانم على جعجع بالتّساؤل عن المبرر لذلك، يتحفّظ جعجع ويتجنّب الإساءة الشخصية لباسيل بقوله: أنا أتعجب..لا أعلم.. ولو يوجد من يشرح لنا. بدل إجمال ذلك بما بات معروفاً لدى الجميع: الغباء السياسي، والذي يُخلّف وراءه تردّي أوضاع الدولة على كافة الصّعُد، وفي مقدمتها الصعيد المالي والاقتصادي وتفشّي الفساد.
ظهر جعجع خلال الحلقة رجلَ دولة بامتياز، رفض المزايدات الطائفية، وأقرّ بضرورة تعيين الناجحين في مباريات مجلس الخدمة المدنية، وضرب مثالاً لذلك عدد المتقدمين لشغل وظائف حراس الاحراج، فذكر أنّ عدد المسلمين بلغ ألف وخمسمائة مُتبارٍ، وعدد المسيحيين مائة وخمس وعشرين متبار، ليُضيف بأنّ المناصفة هي هدف مشروع ووطني ويجب تحقيقه، إلاّ أنّ ذلك يمكن مقاربته بوسائل عدّة، بالتّفهم والمعالجات الهادئة، والابتعاد ما أمكن ذلك عن الاستفزاز وإثارة النعرات الطائفية.
أخيراً، لخّص جعجع بهدوئه واستقامته مشاكل البلد المتفاقمة بصورة ميلودرامية، يتقدّم باسيل بقانون استعادة الأموال المنهوبة، ليغمز جعجع من قناته، بأنّه في طليعة الناهبين، إلى من تشكو همومك؟! يقول غانم..لماذا لا تصارح الرئيس عون بطروحاتك وهواجسك هذه التي تبني دولة؟ فيرد جعجع بأنّ كل زيارة له للرئيس عون تنتهي ب”بوس تيريز” ووسط ذهول الجميع: ومن هي تيريز؟ هو الوزير باسيل..روح شوف باسيل، وعلى وصفة الشاعر أبو نواس منذ أكثر من ألف عام: وداوني بالتي كانت هي الداءُ.