اقتصاد لبنان: نحتاج معجزة قبل وقوع الكارثة
لا يختلف اثنان على أن ما يمر به اقتصاد لبنان من هشاشة وضعف، يعود بالدرجة الأولى إلى البنية الركيكة التي تدار بها السياسة والاقتصاد، والتي تؤسس لانهياره بدلاً من نهوضه.
كثيرة هي الدراسات التي أشارت إلى أن لبنان يواجه تحديدات داخلية، تتمثل في استمرار المحسوبية والفساد، إذ تصل فاتورة الفساد سنوياً إلى أكثر من 10 مليارات دولار، إضافة إلى غياب الخطط الاستراتيجية الواضحة، فضلاً عن التحديات الخارجية المتمثلة بسلسلة العقوبات الأميركية ضد حزب الله، وانعكاساتها على الاقتصاد.
بلغة الأرقام، وصل الدين العام في لبنان إلى مستويات خطيرة، بلغت حسب احصاءات جمعية المصارف اللبنانية، إلى 85.37 مليار دولار حتى شهر أيار الماضي. وحسب مؤسسة فيتش الائتمانية، فقد بلغ الدين العام أكثر من 150 في المئة من حجم الناتج المحلي الإجمالي.
كما تشير فيتش في تقريرها الصادر خلال شهر أيار الماضي إلى أن تقليص عجز الموازنة كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي إلى 7.6 في المئة (وفق بيانات وزارة المالية)، هو أمر صعب في ظل الركود الاقتصادي، وعدم فعالية عملية جباية الضرائب والتحديات المختلفة التي تعرقل جهود الحكومة لمعالجة الكلفة الباهظة التي تتكبدها جراء التوظيفات في القطاع العام. أضف إلى ذلك، توقعت فيتش انكماشاً في عجز الموازنة كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي بـ1.5 في المئة إلى 9 في المئة للعام 2019.
كما أفاد بيان لجنة الأمم المتحدة المتابعة لاقتصاد لبنان في العام 2019 أن اقتصاد البلاد بحاجة ماسة لإعادة الاستقرار. وسلط التقرير الضوء على العجز المزدوج الذي تعاني منه البلاد، فبلغ العجز 11 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. كما وصل عجز الحساب الجاري إلى 25 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي مع نهاية 2018. إضافة إلى ذلك، تخطى الدين العام 150 في المئة من الناتج المحلي.
في هذا الإطار، فإن النمو في لبنان، ورغم موجات التفاؤل، لم يسجل أي نسبة تذكر. وحسب حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، فقد سجل النمو العام في النصف الأول من العام الجاري، صفر في المئة.
من ناحية أخرى، زاد العجز التجاري اللبناني بنحو 676 مليون دولار، مسجلاً 7.32 مليار دولار حتى شهر أيار 2019، حسب بيانات المجلس الأعلى للجمارك.
كذلك، سجلت تحويلات المغتربين إلى لبنان، والتي تعتبر إحدى أبرز المصادر المالية للدولة، انخفاضاً بأكثر من 50 في المئة خلال أربع سنوات. وسجلت تحويلات المغتربين نحو 7.2 مليار دولار في 2018، فيما كانت قد سجلت في العام 2014 ما يقارب 15 مليار دولار، وفق أرقام الأمم المتحدة.
في ظل هذه الأرقام، فإن اقتصاد لبنان، يحتاج إلى معجزة تتجلى في تغيير النمط المعتاد لإدارة الأزمات، والنهوض باقتصاد البلاد قبل الوقوع في الأسوأ.
المصدر : المدن