نحن صناع حياة (بقلم عمر سعيد)
لبنانان لا لبنانَ واحد فوق أرض واحدة ، لبنان الأول يستقطبُ النور والجمال والموسيقا ألوان فرح تشع من أغصان الأرز وراية الوطن ، ولبنان الثاني يُكرِه الناسَ على الحزن والصمت خجلاً وكراهية ، يُسِيلُ الدمعَ على حوافِ النوافذ والأبواب ، يؤرق أطفالاً لا يفهمون ملامح أبائهم المكفهرة ..
لبنان الأول لبناننا ..
لبناننا يغذي التراب حبا ويشاهق الأرز شموخاً ، صلاة إبداع تصدح للقاصدين ، تعاويذ موسيقى تطارد الشياطين في سموات القديسين ، تحرسها من شرور الحرب وكسل المتشدقين وطنية ..
لبنان الثاني لبنانهم ، يلوث أماسي الآحاد بالدماء والرصاص والخوف المترقب ، يعفر وجه الإسفلت برماد الدواليب والنار ،
يستبدل السلام بالعويل ، ويأسر الوجوه خلف مقامات البكاء الأسود .
لبناننا بوتشيليّ الأماسي ، أماسٍ تتراقص إطلالاتها شلوحاً تفتح امتدادها ترحيباً بالزاهين ابتساماً تحت أكواز أرز، انتظر طويلاً حجيجا كالتي طافت به أمس ..
لبناننهم أميل إلى مراثي الموتورين يدفعون صخوراً سيزيفية الأثقال ، أماني فتنة تردي الأوطان عند كل محاولة نهوض ، استفزاز نافر يساهم في تقتيم ألوان العلم ، كلما غسلته دموع المفتدين .
لبناننا أدعية نسّاكٍ زادَهم الحبُ محبة ، سجاجيد تهجًدٍ تزيد السماء افتساحا، كلما لامس الأرز جباهً تصلي الحرية ..
لبناننا سعي إلى الخلاص ، طريق إلى الرجاء ، سوح أغان وأنغام وتسابيح نقاء.
لبناننهم لا بواكي له لدناءة الفتنة فيه، تتجاوز برجسها دم الميتة يحرمه الله، مرايا تشظت تحت أقدام الشرور، تثير اللعنة بعد أعوام التطهر .
لبناننا إرادة قوات ، تؤكد فيه الإنسان ، معاول نور تشق الصخر إبداعاً ، راية واحدة لا غير يلوح بها حكيمه للمبتهلين جمالاً .
لبناننا دروب صناع حياة، يغرسون صدر صنين أنغاما، توقظ آلهة في أفئدة التاريخ من جلجامش إلى يسوع بشري ..
لبناننا شخروب نعيمة وجبران النبوة ، وقداديس البطرك صفير يصلي لبنان السماء، ليثبت لبنان الأرض ..
لبناننا طيور تعتلي ذؤابات الأرز مزامير شهداء لا ينعسون ..
لبناننا مراجل فكر وإبداع تصيغ المفرد بصيغة الجمع ..
لبناننا آت .. فافسحوا الطريق، إنه قادم مهما دنا الغبار .
وتحية للقوات وحكيمها، يصنعون الحياة، يستعيدون الوطن .
عمر سعيد
عمر سعيد