باسيل يتهم الآخرين بتحوير كلامه… ثم يؤكده
يستمر وزير الخارجية جبران باسيل في التسبب بالسجالات السياسية وافتعال الأزمات مع الدول في تصريحاته التي يتعاطى معها بعض الوسط السياسي على أنها زلات لسان، لكنه لا يلبث أن يؤكدها في معرض اتهام الآخرين بتحريفها مقابل ردود الفعل عليها، مكررا ما سبق أن قصده من وراء الإدلاء بها.
وقال مسؤول لبناني لـ”الحياة” إن تكرار هذا المشهد من قبل باسيل يدل إلى أن ما يقوله ليس زلات لسان ولا يبدو أن لسانه يسبق عقله بل يعبر عما يدور في تفكيره، على رغم أنه في كل مرة يتهم الإعلام وبعض السياسيين بتحوير كلامه، ثم يعود ويوضح فيؤكد ما قصده، بطريقة مواربة بدلا من أن ينفيه نفيا قاطعا. وهذا الذي حصل عندما تحدث عن “بلطجة” رئيس البرلمان نبيه بري، ثم حين أشار إلى أن “السنية السياسية جاءت على جثة المارونية السياسية وأن “التيار الوطني الحر” يعمل على استعادة حقوق المسيحيين…. وعندما تحدث عن أمن إسرائيل… وعن الانفتاح على النظام السوري، وغيرها من الوقائع وصولا إلى كلامه عن العمالة اللبنانية والنزوح السوري مرارا، ما تسبب باتهامه بالتحريض العنصري.
وآخر مواقف باسيل التي أثارت عاصفة من ردود الفعل السلبية والغاضبة لا سيما في المملكة العربية السعودية، كان قوله قبل يومين، لمناسبة مؤتمر “الطاقة الاغترابية” الذي نظمته وزارة الخارجية: ” “من الطبيعي أن ندافع عن اليد العاملة اللبنانية بوجه أي يد عاملة أخرى أكانت سورية فلسطينية، فرنسية، سعودية، إيرانية، أو أميركية، فاللبناني ’قبل الكل‘.. للأسف هناك من لا يفهم ماذا يعني أن تكون لبنانيتنا فوق كل شيء وماذا يعني أن نشعر برابطة الدم وماذا تعني عبارة “الارض بتجمع” وماذا يعني ان الانتماء اللبناني هو انتماء لحضارة وتاريخ”.
وأضاف: “البعض لا يشعر بكم وبهويتكم بل شعورهم قد يكون مع أي امر يحصل بمكان اخر في العالم فيتفاعلون معه أكثر وهذا هو السبب الذي جعلكم منسيين في السنوات الماضية ولهذا نحاول اليوم تعويض جزء صغير من النسيان الكبير.. يخيفونكم بأن جواز السفر اللبناني يضركم ويجر عليكم عقوبات وهذا غير صحيح فلبنان ورسالته واسمه لا يزال حاجة للعالم”.
وإذ شمل باسيل بكلامه السعوديين، على أنهم جزء مفترض من العمالة الأجنبية التي دعا إلى الدفاع عن العمالة اللبنانية في وجهها، على رغم معرفته بأن لا عمالة سعودية في لبنان، فإن مواقفه السابقة تجاه السعودية، وتجاه النازحين السوريين التي وُصفت بأنها عنصرية، أثارت حفيظة المغردين السعوديين وتسببت بردود فعل وتعليقات مكثفة من قبلهم وكذلك من سياسيين لبنانيين هاجموا ما قاله فدعاه بعضهم إلى الاعتذار أو الاستقالة.
ومن التغريدات السعودية التي تناولت كلام باسيل قول أحدهم إنه “لا يوجد موظفين سعوديين في لبنان، فهم لن يتركوا دول العالم المتقدم ليتوظفوا لديكم. وشكرا سعادة الوزير لأن اللبنانيين المقيمين في الرياض فقط يفوق الـ200 ألف لبناني، كما نشرت صحيفة الاقتصادية السعودية. لذلك يستوجب منا التخلص منهم وتوظيف السعوديين فهم أبناء البلد وقبل الكل”.
كما أن تغريدات أخرى أخذت المنحى نفسه، وصولا إلى بث إشاعات عن أن رجل أعمال سعوديا بدأ بطرد لبنانيين لإحلال سعوديين مكانهم، فتبين إنها غير صحيحة.
التوضيح يؤكد…
وعاد باسيل فأوضح أمس بالقول، في مؤتمر عن “الديبلوماسية الفاعلة”، أن “على كل دولة ان تعطي الاولوية لشعبها بفرص العمل وان تحميه من العمالة غير المشروعة، هذا ما تفعله كل الدول، وفي الموازنة وضعنا قانونا لكي يكون هناك يد عاملة لبنانية في المؤسسات الاجنبية، واللبنانيون الذين يعملون في الخارج وفقا لحاجات الدول وليس غصبا عنها، واللبنانيون يحترمون قوانين هذه الدول، وأي واحد يخالف ندعو الى ان يطبق عليه القانون، وعلى رأس هذه الدول المملكة العربية السعودية بحيث لدينا جالية يجب الحفاظ على مصالحها، وواجبنا ان نحترم الدولة التي نعمل فيها ونحترم قوانينها، وهذه الدول كلها ومن ضمنها لبنان والمملكة العربية السعودية تميز شعبها عن غيره بالقوانين، وهذا ليس عنصرية، فعندما تدافع عن حق شعبك تكون وطنيا وليس عنصريا، وبالتالي هذا الامر الذي قصدته”. ورأى باسيل ان هناك “الكثير من المحترفين في تخريب العلاقات او سيئي النية يحرفون الكلام او المعنى او المقصد في الوقت الذي لا يكون هكذا”…
ورغم ذلك شهدت موقع التواصل الاجتماعي تفاعلات عديدة حول القضية.
وأدلى عدد من السياسيين بمواقف دانت تصريحا باسيل.
ريفي للسعودية: لا تؤاخذونا
واعتبر وزير العدل السابق أشرف ريفي، أنه “لم يسبق أن سقطت الدبلوماسية اللبنانية في هذه الرعونة والخفة وسوء تقدير العواقب”.
وفي تغريدة على حسابه عبر “تويتر”، كتب: “يا أصدقاءنا في المملكة العربية السعودية وسائر الدولة الصديقة، لا تؤاخذونا بما فعل الرعناء منا”.
وختم: “رحِم الله فؤاد بطرس وأمثاله من الكبار الذين تعاقبوا على المسؤولية في وزارة الخارجية”.
يعقوبيان لباسيل: اعتذر ولو لمرة..
ودعت النائبة بولا يعقوبيان باسيل “للاعتذار من اللبنانيين بعد تصريحاته عن ملف العمالة الأجنبية في لبنان”، مشددة على أن “الاعتذار فضيلة”.
وتوجهت اليه عبر تغريدة على حسابها عبر موقع “تويتر” قائلة: “ارتكب خطيئة الاعتذار ولو لمرة واحدة. لا يمكنك أن تكون مسؤولا وتقول كل شيء يزيدك شعبوية رخيصة، فالمسؤول الرفيع يرفع من شأن تفكير ناسه ويساعدهم على السيطرة على غضبهم”.
واعتبرت أن “لبنان دفع أغلى الأثمان نتيجة “رعونة” سياسييه، وتوجهت إلى لباسيل قائلة:”لكن حضرتك ضاربت على الكل والمؤسف انك شاعر بالعبقرية بدل أن تشعر بالخجل الذي تسببه لنا كلبنانيين مقيمين ومغتربين”، وقالت: “اللبناني الذي هاجر هرب منكم ومن امثالكم. وها انتم تلحقون به الى بلاد الاغتراب لتخربوله بيته”. وختمت قائلة لباسيل:”اعتذر او استقل”.
وردت يعقوبيان على اقتراح أحد متابعيها “طرح الثقة بأهلية الوزير جبران باسيل لتولي حقيبة وزارة الخارجية”، واعتبرت أنه “اذا طرحت الثقة في مجاهلنا، تستنفر العصبيات وتتضافر مصالح المحاصصة، وتجدد الثقة بالوزير التعتير (مين ما كان) ويتم التصويت بمنحه الثقة مجددا…
وتوجه الوزير السابق وئام وهاب بالكلام لباسيل قائلا: “الكثير من اللبنانيين عاشوا من خير الخليج لذا فلنتوقف عن إتخاذ مواقف لا تفيد الناس فعشرات الآلاف ينعمون بخيرات الخليج العربي”.
وعلق رئيس مجلس التنفيذيين اللبنانيين في المملكة العربية السعودية ربيع الأمين قائلا: معالي الوزير إذا خانك التعبير فالاعتذار واجب وفورا. اللبنانيون في السعودية مستاؤون وغاضبون”.