لبنان بين سندان “الحزب” ومطرقة “الدبلوماسية العاجزة”: هل انتهى زمن المجاملات؟

بقلم: تادي عواد
لم يعد خافياً على أحد أنَّ ما يشهده لبنان اليوم ليس مجرد أزمة سياسية أو انهيار اقتصادي عابر، بل هو نتاج لعملية “خطف ممنهج” لسيادة الدولة ومؤسساتها. وبينما يستمر البعض في الداخل والخارج في تسويق أوهام “الحوار” و”التسويات” مع منظومة السلاح، يبرز سؤال جوهري: إلى متى ستظل الدبلوماسية العربية والدولية تتعامل مع “حزب الله” بوصفه فاعلاً لبنانياً، بينما تثبت الوقائع أنه ليس إلا “فيلقاً متقدماً” في جيش الولي الفقيه؟
الوهم اللبناني والحقيقة الإيرانية
إنَّ الإصرار على فصل “حزب الله” عن هويته العضوية كجزء من الحرس الثوري الإيراني هو نوع من “التعامي الاستراتيجي”. فالحزب لا يتحرك وفق أجندة “المصلحة الوطنية اللبنانية”، بل ينفذ بدقة متناهية مسارات ترسمها طهران على خارطة نفوذها الإقليمي. بيروت بالنسبة لهذا المشروع ليست عاصمة لدولة ذات سيادة، بل هي مجرد “ساحة بريد” ومنصة لإطلاق الرسائل النارية كلما ضاق الخناق على النظام الإيراني.
فخ “الاحتواء” وترسيخ الهيمنة
على مدار سنوات، جربت عواصم القرار سياسة “الاحتواء” والمراهنة على “لبننة” الحزب عبر إشراكه في السلطة ومؤسسات الدولة. والنتيجة اليوم واضحة للعيان: لم يتغير الحزب، بل تآكلت الدولة. كل محاولة لاحتواء هذا النفوذ لم تكن إلا وقوداً لترسيخ الهيمنة الإيرانية داخل مفاصل الإدارة والقضاء والأمن.
هذا النهج “الناعم” لم يحقق استقراراً، بل منح الحزب “غطاءً شرعياً” لمصادرة القرار السيادي، وجعل من مؤسسات الدولة اللبنانية مجرد واجهات بيروقراطية تنفذ سياسات “الدويلة” التي ابتلعت “الدولة”.
غياب “مشروع القيامة”
لا يمكن الحديث عن نهوض أو “قيامة” حقيقية للبنان في ظل وجود قوة عسكرية موازية تمتلك حق “الفيتو” على الحرب والسلم، وتتحكم بالمنافذ الحدودية والموارد الوطنية. إن الرهان على تحوّل إيجابي في مواقف الحزب هو رهان على “سراب”؛ لأن الحزب ببساطة لا يملك قرار نفسه.
إن الاستمرار في هذه المقاربات التقليدية يؤدي إلى نتيجة واحدة: إقفال الباب أمام أي حلول بنيوية حقيقية، وإطالة أمد النزيف اللبناني إلى ما لا نهاية.
المطلوب
لقد بات من الضروري أن تتعامل الدبلوماسية العربية مع الواقع اللبناني كما هو، لا كما يُروَّج له في الخطابات الخشبية. إنَّ أي حل يبدأ من الاعتراف بأن الأزمة في لبنان ليست “خلافاً بين طوائف”، بل هي “صراع استعادة دولة” من براثن مشروع عابر للحدود.
الخلاصة:
لبنان لا يحتاج إلى “مسكنات” دبلوماسية أو طاولات حوار تُشرعن الأمر الواقع، بل يحتاج إلى وقفة عربية ودولية حازمة تسمي الأشياء بمسمياتها. فإما أن يكون لبنان دولة عربية مستقلة، أو يظل مجرد مقاطعة تابعة للنفوذ الإيراني.. والوقت لم يعد يسعف الرماديين.




