بوق الفتنة… ومسار سياسي يتهاوى

يطلّ بوق الفتنة بين الحين والآخر ليبثّ سمومه على الآخرين، متّهِمًا غيره بلغة الفتنة والحرب، وكأنّه نسي أو يتناسى أنّه هو وتيّاره اصطدما خلال السنوات الماضية بمعظم القوى السياسية، مخلفين وراءهما سجلاً حافلًا بالتوترات والخصومات ومحاولات الاستثمار في الانقسامات.
هذه السموم التي ينشرها عبر تصريحاته لا تزال حتى اللحظة تتنقّل من مكان إلى آخر، ويحاول أن ينقلها عبر ازلامه وحاشيته على بعض الشاشات ووسائل التواصل الاجتماعي ، محمّلة بالافتراءات والاتهامات، فيما بات كثيرون من اللبنانيين يعزفون عن إعطائها أيّ قيمة أو وزن، بعدما أدركوا أن هدفها الوحيد هو لفت الأنظار وإعادة تعويم حضور سياسي يتآكل يومًا بعد يوم.
يحاول بوق الفتنة أن يستعيد مشروعيته بين المسيحيين واللبنانيين عمومًا عبر الخطاب العدائي ذاته الذي استنزف الحياة السياسية لسنوات. لكنه يغفل حقيقة أساسية أن رهن النفس طيلة عقدين لآلة الحرب والدمار التي اسمها “حزب الله”، طمعًا بمقعد نيابي من هنا أو بتعيين من هناك، لا يمكن أن يُنتج إلا مسارًا سياسيًا فاشلًا.
ومن ارتضى التحالف مع الخارجين عن القانون وحَمَلة السلاح غير الشرعي، ومن ساهم في شرعنة منطق الدويلة على حساب الدولة، لم يعد له مكان في الحياة الوطنية. ربما حان الوقت لهذا الصوت أن يعتزل السياسة بصمت، أو على الأقل أن يعيد قراءة مساره المتعثر منذ دخوله الحياة العامة حتى اليوم.
فالسجال لم يعد يقنع أحدًا، واللبنانيون باتوا أكثر وعيًا من أن يقعوا ضحية أبواق الفتنة وأساليبها المكرّرة. أما السياسة، فلا تزال تحتاج إلى رجال دولة… لا إلى صانعي ضجيج.




