مقاطعة جلسة الثلاثاء واجب وطني… والمشاركة خيانة

بقلم تادي عواد
في خطوةٍ تكشف مجددًا وجه السلطة الحقيقي، رفض رئيس مجلس النواب نبيه بري إدراج القانون المعجّل المكرّر الذي تقدّم به عدد من النواب، والرامي إلى منح اللبنانيين المغتربين حقّهم الطبيعي في المشاركة بالانتخابات النيابية، أسوةً بسائر المواطنين المقيمين في لبنان.
قرار بري هذا ليس تفصيلاً تقنيًا أو إجراءً إدارياً، بل موقف سياسي واضح يرمي إلى إقصاء شريحة واسعة من اللبنانيين الذين لا يزالون متمسكين بهويتهم وحقهم في المساهمة بصناعة التغيير.
رفض الحق… وتكريس التبعية
ما فعله بري ليس جديدًا على من جعل من مجلس النواب رهينةً لمصالحه ومصالح حلفائه في حزب الله. فالمغتربون في نظر هذه المنظومة يشكّلون خطرًا وجوديًا على مشروعها القائم على السيطرة والتبعية، لأنهم ببساطة لبنانيون أحرار لا يخضعون للابتزاز السياسي ولا لهيمنة السلاح.
إن حرمان المغتربين من حق التصويت هو رسالة واضحة مفادها أنّ المنظومة لا تريد انتخاباتٍ حرّة، بل استفتاءً على بقائها، تُفصَّل نتائجه مسبقًا بما يضمن استمرارها في السلطة.
مقاطعة الجلسة واجب وطني
أمام هذا الانقلاب على الدستور والحقوق، تتحوّل مقاطعة جلسة الثلاثاء إلى واجبٍ وطنيّ بامتياز.
فمن يحضر الجلسة يشارك في جريمةٍ بحقّ المغتربين وحقّ اللبنانيين جميعًا في المساواة والمشاركة السياسية.
ومن يقاطعها، يرفع صوته دفاعًا عن الكرامة الوطنية، ويؤكد أنّه لا يقبل أن يكون شاهد زورٍ على اغتيال الديمقراطية.
الحضور ليس مجرّد “موقف سياسي” بل تواطؤ مع من يسعى إلى إسكات آخر صوتٍ حرّ للبنانيين في الخارج.
أما المقاطعة فهي موقف مقاوم مدنيّ وسياسيّ في وجه سلطةٍ ترفض الإصلاح وتصرّ على إبقاء لبنان رهينة لفسادها وسلاحها.
المغترب ليس صندوق نقود
لقد أثبتت السنوات الأخيرة أنّ المغترب اللبناني هو آخر سندٍ حقيقيّ للاقتصاد الوطني، وأنّ تحويلاته المالية أنقذت مئات آلاف العائلات من الانهيار.
ومع ذلك، تصرّ المنظومة الحاكمة على التعامل معه كـ “صندوق نقود” أو “بقرة حلوب” تموّل فسادها ومشاريعها المشبوهة، دون أن تُمنح حقّ المشاركة في القرار الوطني.
هذا التعامل المهين لا يسيء فقط إلى المغتربين، بل يضرب في عمق المصالح اللبنانية ويقوّض آخر جسور الثقة بين الوطن وأبنائه في الخارج.
خيانة وطنية موصوفة
إنّ منع المغتربين من التصويت هو خيانة وطنية موصوفة واعتداء سافر على الدستور وعلى مبدأ المساواة بين المواطنين.
هو إعلان صريح بأنّ السلطة تخاف من إرادة الناس، وتخشى أن يكشف صناديق الاغتراب حجم السقوط الشعبي للمنظومة الفاسدة .
ولذلك، فإنّ كل نائبٍ يشارك في جلسة الثلاثاء، إنما يشارك في خيانةٍ بحقّ لبنان والمغتربين،
وكل نائبٍ يقاطعها، يسجّل اسمه في التاريخ كمَن وقف في وجه المنظومة ورفض أن يبيع صوته وضميره.
“المغتربون ليسوا خارج الوطن… الوطن هو الخارج عنهم اليوم.”
ولأنّ معركتهم هي معركة كل لبنانيّ حرّ يريد استعادة صوته وكرامته، فإنّ واجب الساعة هو أن تُرفع المقاطعة من مستوى الخيار السياسي إلى مستوى الموقف الوطني الشريف.
فإما أن يكون النواب مع لبنان الحرّ، وإما مع نبيه بري وحزب الله في خندق واحد ضدّ لبنان كلّه.




