ألم يحن الوقت لإلغاء عقد الفيول العراقي؟

بقلم تادي عواد
بعد مرور سنوات على توقيع عقد استيراد الفيول من العراق، تتضح أكثر فأكثر حقيقة هذا الاتفاق الذي وُلد من رحم الفساد السياسي والمصالح المتبادلة بين بعض الأطراف اللبنانية والعراقية، تحت غطاء “تأمين الكهرباء” للشعب اللبناني. لكن الحقيقة المُرة أن العقد لم يكن سوى واجهة لتبادل المنافع وتهريب النفط الروسي بغطاء عراقي، ضمن شبكة فساد عابرة للحدود.
اليوم، وبعد انكشاف الكثير من الخيوط، بات من المؤكد أن هذا العقد لم يُبرم لخدمة اللبنانيين، بل لخدمة مجموعة من السماسرة والوسطاء التابعين لوزراء التيار العوني الذين حوّلوا وزارة الطاقة إلى وكرٍ لتقاسم الحصص وشراء الولاءات.
العقد المشبوه مع العراق كان، عملياً، وسيلة لتمرير النفط الروسي الممنوع من التداول دولياً بعد العقوبات، عبر “تدويره” بعقود مزيفة تحمل صفة الفيول العراقي. وبهذه الطريقة، جرى استغلال حاجة لبنان إلى الطاقة لتبييض النفط الروسي وتأمين أرباح خيالية لشبكات تهريب ونفوذ سياسي.
أمام هذا الواقع، لم يعد مقبولاً التذرّع بالظروف أو الادعاء أن البدائل غير متاحة. فالحل واضح وبسيط: إلغاء العقد مع الجانب العراقي فوراً، وفتح تفاوض مباشر من دولة إلى دولة مع المملكة العربية السعودية.
السعودية قادرة على تزويد لبنان بالفيول والنفط بشفافية تامة، ومن خلال اتفاق رسمي يضمن المصالح المشتركة ويقطع دابر السماسرة والمستفيدين من صفقات الظل.
إن أي استمرار في هذا العقد الفاسد هو بمثابة شراكة رسمية في الجريمة المالية والسياسية ضد اللبنانيين.
فما الحاجة إلى “الفيول العراقي” الملوث بالفساد، بينما يمكن للبنان أن يحصل على الطاقة من مصدر نزيه وموثوق كالمملكة العربية السعودية؟
لقد حان الوقت لاتخاذ القرار الشجاع.
إلغاء عقد الفيول العراقي ليس خياراً سياسياً بل واجب وطني.
هو الخطوة الأولى على طريق وقف نزيف المال العام، وتحرير قطاع الطاقة من قبضة منظومة الفساد التي كبّلت لبنان لعقود طويلة.