جوهر القرار في قطاع الاتصالات: الوزير الحاج يفضح منظومة الفساد اللبنانية

بقلم تادي عواد
خطوة وزير الاتصالات شارل الحاج ليست إجراءً تقنيًا عابرًا، بل ضربة قاسية للنخبة الحاكمة في لبنان. فقد كشف الحقيقة: الدولة مملوكة لقلة نافذة تهدر المال العام وتعيش على امتيازات خيالية، بينما المواطن العادي يكابد الفقر والخدمات الرديئة.
القرار استهدف ثلاثة محاور رئيسية:
خفض الامتيازات الفاحشة للمدراء الكبار: الذين يعيشون في رفاهية لا تتناسب مع خدمة عامة معدومة.
تصحيح فجوة الرواتب بين الكبار والموظفين العاديين: الذين يشكلون العمود الفقري للعمل اليومي.
وقف الهدر المالي وإعادة توجيه الأموال نحو البنية التحتية والخدمات الأساسية.
فضائح باقي الوزارات: صورة كاملة للفساد
وزارة الطاقة والمياه: أكبر فضيحة مالية في لبنان. أكثر من 45 مليار دولار ذهبت هباءً على كهرباء غير موجودة. امتيازات كبار المدراء ورواتب شركات مقدمي الخدمة تفوق الخيال، في حين الشعب يعاني من انقطاع الكهرباء المستمر. الحل: خفض الرواتب الخيالية، ضبط العقود، وتحويل الأموال نحو الإنتاج والصيانة.
وزارة الأشغال العامة والنقل: المرافئ والمطار تحولت إلى منصات لتوظيف سياسي بلا حساب. رواتب فلكية، ساعات إضافية وهمية، بدلات سفر مفتوحة، على حساب المواطن الذي يدفع من جيبه. الحل: إعادة هيكلة سلم الرواتب وربط المكافآت بالإنتاجية الفعلية.
المؤسسات العامة والمجالس: مجالس الإنماء والإعمار، مجلس الجنوب، صندوق المهجرين، كلها مشهورة بالامتيازات المفتوحة ورواتب المدراء الخيالية. الحل: إنهاء ثقافة المخصصات وتحديد سقوف ملزمة.
قرار جريء في مواجهة المنظومة
كشف القرار حجم الهدر الكبير في رواتب الإدارات والامتيازات، وهو بارقة أمل في إعادة الثقة الشعبية بالدولة. كما ساهم في تحرير موارد مالية يمكن استثمارها في الخدمات الأساسية: كهرباء، صحة، تعليم.
والأهم، أنه ضرب شبكة الزبائنية السياسية التي حولت الدولة إلى آلة لتوزيع المنافع على الأقارب والمحسوبين.
التحدي الأكبر: الشجاعة في مواجهة الفساد
نجاح وزير الاتصالات يقتصر على فضح اللوبيات والامتيازات، لكن تعميم الإصلاح يحتاج إلى:
إرادة سياسية حقيقية، وليس شعارات فارغة.
غطاء قانوني يفرض الشفافية ويربط الرواتب بالإنتاجية.
ضغط شعبي وإعلامي مستمر على الوزراء لعدم التراجع أمام المحسوبيات.
قرار وزير الاتصالات نموذج عملي يثبت أن الإصلاح ممكن إذا تجرأت القيادة. الكرة الآن في ملعب باقي الوزراء:
إما مواجهة شبكات الفساد والزبائنية السياسية، أو الاستمرار في تحويل الدولة إلى آلة هدر، تاركين المواطن يدفع الثمن بالمال والخدمات.
لبنان أمام مفترق طرق: إما الإصلاح الجريء أو استمرار الهدر والانهيار.