جزين في مواجهة مصيرية: بين السيادة ومحور الموت

في انتخابات 2025 البلدية، لم تعد جزين مجرد ساحة محلية تتنافس فيها العائلات أو البرامج الإنمائية. المعركة اليوم سياسية بامتياز، بين نهجين متعارضين: الأول يُمثّل الممانعة بكل رموزها وحلفائها، والثاني يُجسّد خيارًا سياديًا واضحًا، يريد استعادة القرار البلدي من هيمنة الأحزاب التي أفرغت الدولة من معناها.
– لائحة الممانعة: استمرار الهيمنة
يتقدّم التيار الوطني الحر هذه الانتخابات متحالفًا مع النائب السابق إبراهيم عازار، وبدعم مباشر من الحزب السوري القومي الاجتماعي. هذه اللائحة، برئاسة دافيد الحلو، تمثل بشكل واضح الخط السياسي لمحور الممانعة في المدينة.
وهو محور لم يجلب إلى جزين سوى التراجع، التبعية، والاصطفاف خلف مشاريع لا تشبه المدينة ولا تاريخها، بل حولتها إلى ورقة تفاوض في يد قوى خارجية، بدل أن تكون فاعلًا حرًا في القرار الوطني.
– لائحة “بلديتكن مستقبلكن”: ولادة خيار سيادي
في المقابل، تبرز لائحة “بلديتكن مستقبلكن”، برئاسة بشارة جوزيف عون والمدعومة من القوات اللبنانية، كخيار بديل وجريء. لائحة تعبّر عن نبض حر جديد في المدينة، وتطرح نفسها كصوت السيادة، والدولة، والحرية، في مواجهة مشروع الهيمنة القائم.
هذه اللائحة لا تطرح فقط وجوهًا جديدة، بل تحمل مشروعًا بلديًا ينطلق من منطق الدولة لا منطق الدويلة، ومن حكم القانون لا منطق السلاح، ومن التنمية الفعلية لا الزبائنية.
– بين محور السيادة ومحور الموت
ما هو على المحك في جزين اليوم ليس من يرصف الطرق أو ينير الشوارع، بل أي نهج سياسي يحكم المدينة؟
هل تُترك جزين مرة أخرى لقوى الممانعة التي تغطّي سلاح حزب الله، وتشارك في تدمير ما تبقّى من الدولة؟ أم تتحرّر من هذه القبضة، وتفتح صفحة جديدة تُعيد لها كرامتها، ودورها، وثقتها بنفسها؟
إنّ التحالف بين التيار الوطني الحر والقومي السوري ليس جديدًا، لكن تكراره اليوم في جزين يفضح من جديد مدى التشبّث بهذا “محور الموت” الذي حوّل الجنوب من مساحة حياة إلى ساحة صراعات.
في المقابل، مشروع “بلديتكن مستقبلكن” هو مشروع حياة. هو نداء لمصالحة جزين مع نفسها، ومع عمقها التاريخي والثقافي والوطني
– جزين ليست تابعة… جزين تختار
أمام هذا الواقع، لم يعد مقبولًا القول إنّ جزين تساير الأقوياء أو تتبع من يفرض الأمر الواقع. جزين اليوم أمام خيار حقيقي: إما أن تنتخب طريق الحرية والدولة والسيادة، أو أن تبقى في أسر منطق الهيمنة والشلل.
إنها لحظة مفصلية سياسية وطنية وتاريخية بامتياز، وعلى أهل جزين أن يكونوا على قدرها.