تضييق مالي على حزب الله: جمعية القرض الحسن في مرمى الضغوط الدولية

تتصدر جمعية “القرض الحسن”، المرتبطة بحزب الله، النقاشات مجددًا مع تزايد الجهود الأمريكية لخنق مصادر تمويل الحزب. تُثير هذه المؤسسة، التي تُدير شبكة واسعة من الفروع في لبنان، قلقًا بشأن استخدامها لتبييض الأموال ودعم أنشطة حزب الله، في ظل انعدام الإشراف من مصرف لبنان. مع اشتراط المجتمع الدولي إصلاحات اقتصادية لتقديم المساعدات، يطرح السؤال: هل بإمكان الدولة اللبنانية فرض السيطرة على هذه الجمعية المخالفة للقانون؟
تجاوز القانون والاتهامات
تأسست “القرض الحسن” عام 1982 بترخيص من وزارة الداخلية كجمعية اجتماعية، لكنها تجاوزت هذا الإطار، كما يوضح الخبير محمد فحيلي. بدأت بتقديم قروض صغيرة (100-3000 دولار)، لكنها تطورت لتقدم خدمات مصرفية مثل الودائع، القروض الكبيرة، بطاقات الدفع، والصرافات الآلية، دون إذن من مصرف لبنان. الصحفي خالد أبو شقرا يؤكد أن هذه الأنشطة تنتهك قانون النقد والتسليف، مشيرًا إلى أن مسؤولي الجمعية، المنتمين لحزب الله، مشمولون بعقوبات أمريكية. الولايات المتحدة، التي فرضت عقوبات على الجمعية منذ 2007، تتهمها بتحويل ملايين الدولارات لدعم الحزب عبر حسابات شخصية في مصارف لبنانية.
ضغوط دولية وتحديات الإصلاح
تربط الضغوط الدولية المساعدات الاقتصادية بإصلاحات تشمل نزع سلاح حزب الله وإغلاق قنوات تمويله. المحلل مكرم رباح يرى أن “القرض الحسن” تحدٍ لقدرة الدولة على ضبط النفوذ المالي للحزب. المادتان 200 و206 من قانون النقد والتسليف تُجرّمان التسليف غير المرخص وتُلزمان بمحاكمة المخالفين، لكن غياب إشراف وزارة الداخلية سمح بتوسع الجمعية. فحيلي يشير إلى أن تطبيق القرار 1701 قد يقلل من مخاطرها إذا عادت إلى حدود ترخيصها. صندوق النقد الدولي يطالب بمؤسسات مرخصة تحت رقابة مصرف لبنان، مما يضع الجمعية في دائرة الضوء.
مخاطر سياسية ومالية
كشف اختراق إلكتروني عام 2020 عن حسابات الجمعية، تضمنت قيادات حزب الله، مما عزز اتهامات تبييض الأموال. تقرير “منظمة الدفاع عن الديمقراطيات” أشار إلى استخدام موظفي الجمعية لحساباتهم الشخصية للوصول إلى النظام المصرفي. أبو شقرا يربط معالجة ملف الجمعية بتسوية سياسية، نظرًا للحماية السياسية التي تتمتع بها. رباح يدعو لإغلاقها فورًا كمؤسسة غير شرعية.
الخلاصة
“القرض الحسن” تُشكل عائقًا أمام الإصلاحات الاقتصادية في لبنان، مع اتهامات بدعم حزب الله وتبييض الأموال. الضغوط الدولية تُطالب بضبطها، لكن التوازنات السياسية تُعرقل الحل. إغلاقها يتطلب قرارًا سياسيًا لتعزيز سيادة الدولة ودعم التعافي الاقتصادي.