لبنان

هل يمكن للتيار الوطني الحر إعادة تلميع صورته، وخصوصاً صورة رئيسه جبران باسيل؟

شكّل التيار الوطني الحر، خلال مسيرته في السلطة، ولا سيما خلال العقد الأخير، مصدرًا للكثير من الانتقادات، خصوصًا تجاه رئيسه جبران باسيل. فهل يستطيع هذا التيار اليوم، وسط تراجع شعبيته وانحسار ثقة اللبنانيين به، أن يعيد تلميع صورته وصورة باسيل؟ تبدأ الإجابة من مراجعة أربع مشكلات أساسية أسهمت في تشويه صورته أمام الرأي العام.

تحالف مار مخايل… الانقلاب على المبادئ

فور عودته إلى العمل السياسي، انقلب التيار على ما كان ينادي به، فدخل في تحالف مار مخايل مع حزب الله. هذا الاتفاق، الذي أُبرم عام 2006، شكّل تحوّلًا جذريًا في تموضع التيار، إذ أتاح لمحور الممانعة إعادة الإمساك بمفاصل الدولة، وأجهض فعليًا مكتسبات ثورة الأرز التي أخرجت الاحتلال السوري من لبنان. وهكذا، بات التيار، في نظر كثيرين، شريكًا في ضرب السيادة بدلًا من أن يكون حاميها.

ملف الطاقة… مأساة وطنية

من أبرز الإخفاقات التي التصقت باسم التيار، إدارته الطويلة والمكلفة لوزارة الطاقة. فعلى مدى أكثر من عقد، أُهدرت عشرات مليارات الدولارات دون أن يحصل اللبنانيون على الحد الأدنى من التغذية الكهربائية. تحوّلت الوزارة إلى رمز للفشل والفساد، وبات اسم التيار مقترنًا بالعتمة. ورغم الحجج المتكررة، تبقى النتيجة واضحة: لا كهرباء، ولا محاسبة، ولا إنجاز.

الخداع والغدر… سياسة بلا ثقة

مارس التيار الوطني الحر سياسة قائمة على الاستفادة المؤقتة ثم الانقلاب، ما أفقده ثقة الحلفاء والخصوم على حد سواء. من اتفاق معراب، الذي دُفن سريعًا بعد وصول ميشال عون إلى قصر بعبدا، إلى التباعد الحالي مع حزب الله الذي قدّم له دعمًا استراتيجيًا غير مسبوق. هذا السلوك السياسي، القائم على استغلال اللحظة، أسقط عن التيار صفة المصداقية، وكرّس صورته كمجموعة لا يمكن الركون إليها.

الحقد وتسييس القضاء

في الوقت الذي كان فيه لبنان بأمسّ الحاجة إلى قضاء مستقل، سخّر التيار نفوذه للانتقام السياسي. تحوّل القضاء، في عزّ سلطة التيار، إلى أداة بيد جبران باسيل لتصفية الحسابات. ولم يقتصر ذلك على السياسيين، بل طال آلاف الناشطين على وسائل التواصل الاجتماعي الذين وجدوا أنفسهم في مواجهة دعاوى كيدية لا تنتهي. هذا النهج، القائم على الحقد لا الإصلاح، زاد من عزلة التيار وعمّق الهوة بينه وبين الناس.

إن إعادة تلميع صورة التيار الوطني الحر ورئيسه جبران باسيل لا يمكن أن تتم عبر الإعلام أو الحملات الترويجية، بل تتطلّب مراجعة صادقة وشجاعة لكل المسار السياسي. ومن دون الاعتراف بالأخطاء وإحداث تغيير جذري في الأداء والنظرة إلى الشأن العام، سيبقى التيار رهينة ماضيه، وستبقى صورته عالقة في أذهان اللبنانيين كرمز لخيبة الأمل والانهيار.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى