انتهى زمن البلطجة على المسيحيين

بقلم تادي عواد
في حقبة الاحتلال البعثي للبنان، كلما طُرحت مطالب بتنفيذ اتفاق الطائف، وخاصةً انسحاب الجيش السوري، كانت تُقابل بحيلة مكشوفة: “إلغاء الطائفية السياسية ولبنان دائرة انتخابية واحدة”. كان هذا مجرد ذريعة لعرقلة أي مسار يؤدي إلى استعادة السيادة الوطنية، وصرف الأنظار عن جوهر المشكلة وإغراق النقاش في متاهات عقيمة.
واليوم، التاريخ يعيد نفسه. مع تصاعد المطالبة بتطبيق الطائف كاملاً وتنفيذ القرارات الدولية، وعلى رأسها نزع سلاح حزب إيران، عاد الخطاب الممجوج ذاته: “نريد قانونًا انتخابيًا يقوم على الأكثرية العددية”. وكأن أزمة لبنان محصورة فقط في القانون الانتخابي، وليست هيمنة السلاح غير الشرعي ودويلة الأمر الواقع التي تنخر الدولة من الداخل!
لكن ما فات الثنائي الشيعي أن الزمن تغيّر. لم تعد لغة التهديد تُجدي نفعًا، ولا التذاكي السياسي قادرًا على فرض معادلات جديدة. تنفيذ الطائف لا يبدأ من تعديلات شكلية في القوانين، بل من أساسه الصلب: حلّ جميع الميليشيات وحصر السلاح بيد الجيش اللبناني. هذا هو البند الأول في الطائف، وهو حجر الزاوية في أي إصلاح حقيقي.
وبناءً عليه، لا مجال لنقاش أي بند آخر قبل تسليم السلاح. على حزب الله، حركة أمل، ومرتزقة سرايا المقاومة أن يبادروا فورًا إلى تسليم سلاحهم للجيش اللبناني. عندها فقط، يمكن الحديث عن أي إصلاحات سياسية أو تعديلات دستورية.
أما المراوغات والمماطلات فقد ولّى زمنها. لا أحد سيقبل بعد اليوم بالابتزاز. لا طائف على القطعة، ولا دولة تُبنى بوجود دويلة. فإما تسليم السلاح، وإلا فلا حديث عن أي شيء آخر!