بين التناقض والتخبط.. حكومة سلام تُضعِف مصداقية الدولة وتُسرع انهيارها

بقلم تادي عواد
منذ تشكيلها، تطلق حكومة نواف سلام مواقفَ متناقضةً، غيرَ قادرةٍ على تقديم رؤيةٍ واضحة، ولا حتى احترام التزاماتها المعلنة. آخر فصول هذا التخبط ظهر في التناقض الفاضح بين تصريحات الوزيرة تامارا الزين ونائب رئيس الحكومة طارق متري، وبين البيان الوزاري الذي يؤكد ضرورةَ حصر السلاح بيد الدولة. كيف يمكن لحكومةٍ أن تحافظ على مصداقيتها في الداخل والخارج وهي تصدر رسائلَ متضاربةً بهذا الشكل؟
إن هذا الارتباك هو دليلٌ قاطعٌ على غياب القرار والإرادة السياسية. على رئيس الحكومة نواف سلام أن يَخرجَ فوراً ليقدِّمَ توضيحاً صريحاً: هل حكومتُه ملتزمةٌ فعلاً بحصر السلاح بيد الدولة وفقاً للبيان الوزاري، أم أن هناك أجنداتٍ خفيةً تسير في اتجاهٍ آخر؟ لا مكان هنا للمناورة أو التأجيل. إذا لم يكن قادراً على حسم هذا الملف بوضوح، فليتَحلَّ بالجرأة ويقدِّم استقالته، ويفتح المجالَ لحكومةٍ تستطيع الوفاءَ بالتزاماتها.
إن استمرارَ هذا النهج العاجز والمتردد لن يؤدي إلا إلى كارثة. لا يمكن للبنان أن يتحمل مزيداً من الضياع وسط أزمةٍ اقتصاديةٍ خانقة، وتوتراتٍ أمنية، وضغوطٍ دوليةٍ متزايدة. عدمُ وضع جدولٍ زمنيٍ واضحٍ وسريعٍ لحصر السلاح بيد الدولة سيدفع البلادَ إلى المجهول، وسيؤدي إلى عزلةٍ دبلوماسيةٍ خانقة، وربما إلى عقوباتٍ أكثرَ شدة، أو حتى انفجارٍ أمنيٍ خطير.
اللبنانيون تعِبوا من الحكومات الضعيفة والعاجزة، ومن المواقف الرمادية التي لا تُسمن ولا تُغني من جوع. المطلوب اليوم حكومةٌ حازمة، تملك رؤيةً واضحة، وقادرةٌ على اتخاذ القرارات المصيرية دون خوفٍ أو تردد. لبنان لا يحتمل مزيداً من الانهيار، والمجتمع الدولي لن يستمر في منح الفرص لحكومةٍ تتحدث بلغةٍ مزدوجةٍ وتعجز عن تنفيذ التزاماتها.