لبنان

سعد الحريري… لا عودة قريبة في الأفق

بقلم تادي عواد
لا شيء في الأفق يشير إلى عودة سعد الحريري إلى الساحة السياسية، رغم محاولات الترويج التي رافقت ذكرى 14 شباط. الحقيقة أن الحريري لا يزال أسيرًا لوهم زرعه مستشاروه الخبثاء، أولئك الذين خدعوه بخيارات خاطئة ونظريات سياسية سخيفة تقوم على ما يُعرف بـ”الوسطية الحريرية”.

لقد تم تضليل الحريري بإقناعه بأن والده كان وسطياً، وأن عليه أن يسير على النهج نفسه. لكن هؤلاء لم يخبروه بالحقيقة: وسطية رفيق الحريري لم تكن استسلامًا، بل كانت خيارًا قسريًا في ظل هيمنة النظام السوري آنذاك، وتواطؤ غربي-أميركي على تسليم المنطقة لإيران ودمشق على حساب الدور السني. رفيق الحريري لم يهرب، ولم يتنصل من مسؤولياته، بل اضطر إلى تبنّي سياسة تكيّف قسرية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من لبنان وشعبه.

أما اليوم، في ظل المتغيرات الدولية، فإن “الوسطية” – وهي الاسم المهذب للرضوخ في علم السياسة – لم تعد خيارًا، بل باتت عبئًا قاتلًا. المرحلة تتطلب المواجهة الفعلية على الأرض، لا الهروب والاعتكاف السياسي. كان على الحريري أن يخوض الانتخابات النيابية في مواجهة مشروع “حزب الله” وأدواته، بدلًا من ترك الساحة فارغة ليسيطر الحزب على مجلس النواب. لكنه اختار العكس، وساهم بقراره هذا – بشكل مباشر أو غير مباشر – في تعزيز نفوذ إيران داخل الدولة اللبنانية.

هكذا، ونتيجة لخياراته الفاشلة، وجد الحريري نفسه في عزلة سياسية عربية ودولية، فيما الزعامة السنية في لبنان لن تكون لمن يتخلى عن معركة الوجود، بل لمن يواجه ولا يهرب، لمن يبقى إلى جانب شعبه في أحلك الظروف، لا لمن يتنصل ويلوذ بالصمت.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى