لبنان

نواف الموسوي… تصريحات صادمة تنسف عقيدة حزب الله القتالية

لم يكن جمهور حزب الله يتوقع أن يتحوّل نواف الموسوي، الذي اشتهر بتخوين خصومه السياسيين بحدة وصلت حدّ التهديد بقتل رئيس جمهورية، إلى ناقد علني للحزب وقيادته، وبالأخص أمينيه العامين الشهيدين، بعد أقل من عشرة أيام على تشييعهما.

في مقابلة تلفزيونية مساء الاثنين، أطلق الموسوي سلسلة مواقف “قاسية”، تحت عنوان “القصور والتقصير”، حملت انتقادات مباشرة لطريقة إدارة الحزب للصراع الأخير. والسؤال الذي يطرح نفسه: لو صدرت هذه التصريحات عن أحد خصوم الحزب، ألم يكن ليتعرض لحملة تخوين واسعة، وربما من الموسوي نفسه؟

تصريحات الموسوي بين ضرب العقيدة والواقعية السياسية

بحسب مراقبين مطّلعين على سياسة حزب الله، فإن تصريحات الموسوي أثارت غضبًا واسعًا في أوساط الحزب، لأنها شكلت نسفًا للعقيدة القتالية التي تقوم على مبدأ “النصر أو الاستشهاد”. ومع ذلك، رأى هؤلاء المراقبون أن ما قاله الموسوي يعكس “واقعية سياسية” فُرضت بفعل تطورات الحرب، وفتحت الباب أمام قراءة نقدية يحتاجها جمهور الحزب، بعيدًا عن خطابات “الانتصارات المطلقة” وإلقاء اللوم في إعادة الإعمار على الآخرين.

ويُمكن تصنيف حديث الموسوي ضمن بُعدين متمايزين:

الموسوي الناقد: حيث تبنّى موقف المواطن المتضرر، متسائلًا عمّا إذا كان الحزب بات يُفضّل الحفاظ على قياداته بدلًا من الالتزام بعقيدته القتالية.

الموسوي المسؤول: حيث حاول تقديم قراءة تحليلية واقعية لمجريات الحرب الإسرائيلية وتداعياتها.

1- نسف العقيدة القتالية لحزب الله

كمسؤول عن ملف الموارد والحدود في الحزب، قدّم الموسوي طرحًا غير مسبوق حول ضرورة حماية القادة من الاستهداف، وهو ما يتناقض مع الخطاب التقليدي للحزب، الذي طالما أكّد أن قياداته ليست مستثناة من التضحية، استنادًا إلى مبدأ “إما النصر أو لقاء الله مخضّبين بدمائنا”، كما جاء في الوثيقة السياسية للحزب عام 2009.

أحد أبرز التناقضات التي أظهرها حديث الموسوي تمثّل في كشفه عن تفاجئه بوجود حسن نصرالله في غرفة عمليات الحزب في حارة حريك أثناء الاغتيال الإسرائيلي الأخير. في حين كان نجله جواد نصرالله وإعلام الحزب قد أكدوا سابقًا أن وجوده هناك كان طبيعيًا، وأنه لم يكن مختبئًا بل في موقع قيادة المعركة ميدانيًا، رغم القصف الإسرائيلي للضاحية الجنوبية.

كذلك، ناقض الموسوي الرواية الرسمية للحزب حول بقاء السيد هاشم صفي الدين في غرفة عمليات الحزب في المريجة، حيث أوحى بأن وجوده هناك لم يكن قرارًا اختياريًا بالكامل، بل نتيجة ظرف مفروض عليه.

2- الواقعية السياسية في خطاب الموسوي

من ناحية أخرى، قدّم الموسوي اعترافات غير مسبوقة عن واقع الصراع، أبرزها أن الاحتلال الإسرائيلي لا يقتصر على التلال الخمس في جنوب لبنان، بل يمتد إلى إنشاء حزام أمني واضح داخل الأراضي اللبنانية.

كما حاول تحميل الدولة اللبنانية مسؤولية التحرير، لكنه أقرّ في الوقت ذاته بأن حزب الله لا يزال مستعدًا لاستخدام السلاح مجددًا عندما يحين “الوقت المناسب”.

إلا أن أخطر ما كشفه الموسوي كان اعترافه بعدم قدرة الحزب حتى الآن على تحديد حجم الاختراقات الأمنية داخله، رغم مرور أكثر من ثلاثة أشهر على انتهاء العدوان الإسرائيلي، إذ قال: “في موضوع الخرق البشري، لغاية الآن، هذا أمر تقوم به الأجهزة المختصة”.

ومن النقاط اللافتة أيضًا في حديثه، التوجّه غير المعتاد من حزب الله نحو التقارب مع السلطات السورية الجديدة، رغم أن إعلام الحزب وجمهوره على مواقع التواصل يواصلون الهجوم على هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقًا) وقيادتها. فقد قال الموسوي بوضوح: “نحن كلبنانيين معنيون بالحفاظ على وحدة سوريا، وحدة سوريا في خطر… يجب أن نتساعد نحن والإخوة السوريين ونتجاوز كل شيء ليحافظوا على وحدتهم”.

خاتمة

تُظهر تصريحات نواف الموسوي تناقضًا واضحًا بين الخطاب العقائدي لحزب الله والواقع السياسي والعسكري الذي يفرض نفسه. وبينما يواصل الحزب التشبث بسرديته التقليدية، فإن كلام الموسوي قد يكون تمهيدًا لتحوّل أكبر في الاستراتيجية الحزبية خلال المرحلة المقبلة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى