لبنان

لا تندهشوا… كنتم تعرفون

بقلم تادي عواد

لم أرغب في التعليق على الخلافات بين حزب الله والتيار الوطني الحر، لكن تطوّر الأحداث وما رافقه من موجة استنكارات وتجريح متبادل فرض ضرورة توضيح بعض النقاط التي لا يمكن تجاهلها.

اليوم، يتصرّف حزب الله وكأنه مصدوم من مواقف جبران باسيل، وكأن سلوكه الحالي يشكّل مفاجأة غير متوقعة. لكن الحقيقة أن الحزب لم يكن يومًا جاهلًا بطبيعة باسيل أو نهجه السياسي. على العكس، فهو يعرفه جيدًا منذ سنوات طويلة، ويدرك أنه لا يقدّم شيئًا على مصلحته الشخصية والسلطوية، حتى ولو كان ذلك على حساب المسيحيين، أو حتى البلد ككل.

باسيل، الذي يظهر اليوم وكأنه يسعى إلى التحرّر من عباءة الحزب، هو نفسه الذي سلّم قراره وقرار تياره السياسي لمشيئته، مؤمّنًا له الغطاء المسيحي الذي احتاجه لتعزيز نفوذه داخل الدولة وضرب خصومه. وهو الذي قدّم “الميثاقية” على طبق من ذهب للثنائي الشيعي عندما أرادا إقصاء سعد الحريري من المشهد السياسي، وساهم في تهميش الفرقاء المسيحيين الآخرين، سواء الكتائب أو القوات اللبنانية، مقابل الاستئثار بالسلطة وبكامل التعيينات المسيحية في الدولة بلا أي منازع.

فلماذا الاستغراب اليوم؟ ولمَ التصرف وكأن هذه الحقائق جديدة؟ لا حزب الله تفاجأ بجبران باسيل، ولا باسيل تفاجأ بطريقة تعاطي الحزب معه. كل طرف يعرف الآخر جيدًا، وكان كلاهما جزءًا من لعبة لم تكن يومًا لصالح لبنان أو المسيحيين أو حتى الشيعة، بل كانت تحالفًا مؤقتًا لخدمة المصالح المشتركة، هدفه تقاسم السلطة والمال. والآن، بعدما بدأت الحسابات تتغير، يحاول كل طرف إلقاء اللوم على الآخر.

لكن الحقيقة واضحة: لا أحد بريء، ولا أحد مخدوع. لقد كنتم تعرفون.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى