عودة الحريري وتداعياتها على المشهد الانتخابي

أحدث غياب تيار المستقبل عن انتخابات 2022 فراغًا سياسيًا، خاصة في الدوائر التي كانت تُعتبر معاقل له، مثل بعلبك، بيروت، طرابلس، عكار، صيدا، والبقاع. وقد استغلت العديد من القوى السياسية هذا الغياب، ما سمح لها بالفوز بالمقاعد التي كانت تشغلها شخصيات محسوبة على التيار الأزرق. كما أدى انخفاض نسبة المشاركة إلى تسهيل بلوغ الحاصل الانتخابي، ما ساعد على تضخيم بعض الكتل النيابية.
تأثير عودة الحريري على الكتل النيابية الحالية
في حال قرر تيار المستقبل خوض الانتخابات المقبلة، فسيكون لذلك أثر مباشر على العديد من الكتل السياسية، أبرزها:
كتلة التغيير: إذ فاز بعض نوابها بدعم ناخبين من تيار المستقبل كانوا يفضّلون التصويت لهم على ترك المجال مفتوحًا أمام فوز مرشحي حزب الله.
انكماش كتلة التيار الوطني الحر: سيخسر التيار العوني بعض المقاعد التي فاز بها نتيجة غياب المستقبل، خصوصًا في الدوائر المختلطة، حيث استفاد من دعم بعض القوى السنية المتحالفة معه ضمنيًا.
قوى أخرى كالقوات اللبنانية وحزب الكتائب: قد تجد نفسها في مواجهة جديدة مع تيار المستقبل، خاصة إذا قرر الأخير تبني خطاب وسطي لا يتماهى كليًا مع الخطاب السيادي المعارض لحزب الله.
الانعكاسات على التوازنات السياسية
تعتبر القوى السيادية أن الانتخابات المقبلة يجب أن تُركز على مواجهة “الثنائي الشيعي” وحلفائه من أجل تقليص نفوذهم السياسي ومنعهم من الاستمرار في تعطيل المؤسسات الدستورية. ولكن إذا عاد تيار المستقبل من دون رؤية واضحة أو تحالفات مدروسة، فقد يؤدي ذلك إلى تعقيد المشهد السياسي بدلاً من تسهيله، خاصة إذا انتهج سياسة تحالفات آنية متقلبة.
في المقابل، استفاد الفريق السيادي خلال غياب الحريري من توحيد صفوفه، ما أتاح له تشكيل كتلة نيابية وازنة لعبت دورًا حاسمًا في إيصال رئيس جمهورية ورئيس حكومة بنهج جديد، وهو ما لم يكن متاحًا منذ نهاية الحرب الأهلية. لذا، فإن أي عودة غير محسوبة للحريري قد تُضعف هذا الإنجاز، خاصة إذا لم تحسم الخيارات بشأن طبيعة المواجهة السياسية المقبلة.
الانتخابات النيابية 2026 محطة مفصلية في إعادة رسم المشهد السياسي اللبناني. فعودة الحريري ليست مجرد عودة شخصية، بل قد تُعيد ترتيب التوازنات داخل البرلمان، وتُغير التحالفات التقليدية، ما قد يفتح المجال لمواجهات سياسية غير متوقعة. يبقى السؤال الأهم: هل ستكون هذه العودة ضمن الخط السيادي أم عاملًا إضافيًا لتعقيد الأزمة السياسية في لبنان عبر دعم حزب الله وحلفائه؟