كيف تم خداع الشعب اللبناني وإعادة تعويم السلطة الفاسدة؟
بقلم تادي عواد
ظنَّ اللبنانيون أنهم أمام فرصة حقيقية للتغيير بعد انتفاضة 17 تشرين، فانتخبوا نوابًا تحت شعار “الثورة” لإسقاط المنظومة الحاكمة ومحاربة الفساد. لكن ما حدث بعد ذلك كان خيانة موصوفة، إذ تحوَّل هؤلاء النواب إلى أدواتٍ لإعادة تعويم حزب الله والنظام الفاسد، بدلًا من أن يكونوا رأس الحربة في مواجهته.
خداع الشعب واستغلال غضبه
دخل نواب الثورة البرلمان بوعودٍ بمحاربة الفساد وإحداث تغيير جذري، لكنهم سرعان ما تخلَّوا عن أي مشروع إصلاحي واضح.
بدلًا من مواجهة حزب الله والمنظومة الحاكمة، انشغلوا بالمزايدات الإعلامية والصراعات الهامشية، ما سمح للقوى التقليدية بإعادة تثبيت سلطتها.
لم يقدِّموا أي خطة اقتصادية أو سياسية جادة، بل أصبحوا جزءًا من اللعبة السياسية الفاسدة نفسها.
خيانة المعارضة السيادية
لم يشكِّلوا أي جبهة موحَّدة مع القوى السيادية لمواجهة حزب الله والسلطة الفاسدة التي دمّرت الاقتصاد.
عرقلوا ترشيح شخصيات سيادية لرئاسة الحكومة، وتمسّكوا بترشيح نواف سلام، الذي سارع إلى استرضاء حزب الله وإعادته إلى الحكومة، مما استغلّه الحزب لفرض شروطه. تصرّفوا كحلفاء غير مباشرين لحزب الله وحلفائه، حيث ساهم مرشحهم في إعادة الطبقة السياسية الفاسدة إلى السلطة مجددًا.
لم تُستخدم أصواتهم إلا في المعارك الهامشية، بينما في الاستحقاقات الكبرى، مثل التصويت على قوانين مصيرية، تواطؤوا بالصمت أو التخاذل.
تسويق الوهم للشارع اللبناني
بدلًا من كشف الحقيقة للشعب، لجأوا إلى تكتيكات تضليلية لإخفاء فشلهم وخيانتهم.
روَّجوا لمعارك شكلية ضد بعض رموز الفساد، بينما تركوا منظومة حزب الله المالية والأمنية دون أي مساءلة حقيقية.
استغلّوا الإعلام لتلميع صورتهم، وادّعوا أنهم “مستقلون”، بينما كانوا في الواقع أدوات تُستخدم لتمديد عمر الطبقة السياسية الحاكمة.
حين سنحت الفرصة لتوحيد الصفوف ضد مشروع حزب الله والسلطة الفاسدة، رفض نواب الثورة التحالف مع القوى السيادية.
وفي الملفات الاقتصادية، لم يطرحوا أي حلول ملموسة، بل شاركوا في المناورات السياسية التي سمحت للمنظومة الفاسدة بالتهرّب من أي إصلاح حقيقي.
إعادة تعويم الفساد وإضاعة فرصة التغيير
خيانة نواب الثورة لم تكن مجرد فشل سياسي، بل كانت خيانة صريحة للشعب اللبناني الذي وضع ثقته بهم.
بدلًا من إسقاط المنظومة، أصبحوا جزءًا منها، وساهموا بشكل مباشر في إعادة إنتاج الفساد وترسيخ سلطة حزب الله.
اليوم، وبعد سنوات من دخولهم البرلمان، لا يزال اللبنانيون في الأزمة نفسها، بل ربما في وضع أسوأ، لأن الأمل الذي وُلد في 17 تشرين تم القضاء عليه من الداخل.
المشكلة لم تكن فقط في المنظومة التقليدية، بل في أولئك الذين ادّعوا الثورة، ثم انحرفوا عن مسارها وخانوا الناس الذين انتخبوهم.
الانتخابات قادمة بعد سنة، وعلى الشعب اللبناني محاسبة من خانهم وأعاد السلطة الفاسدة إلى الحكم، ومن فوّت فرصة تاريخية لإصلاح لبنان.