لبنان

ما بعد سقوط نواف سلام: المواجهة والتحضير للمرحلة القادمة

بقلم تادي عواد –

منذ البداية، كان واضحًا أن نواف سلام لم يكن خيارًا موفقًا للمعارضة، إذ حمل مشروعًا أحادي الاتجاه يتماهى مع أجندات خارجية، وتحديدًا تلك التي ترعاها المؤسسات المرتبطة بجورج سوروس وما يُسمى بـ”منصات الثورة”، مثل “كلنا إرادة”، وLIFE، ومجموعات أخرى ذات أجندات خارجية.

ما جرى خلال مسار تكليفه ومحاولاته تشكيل الحكومة كشف عن نية واضحة لإقصاء مكونات أساسية من النسيج السياسي اللبناني، وخصوصًا القوى المسيحية والسنية، مقابل تقديم تنازلات مجانية للثنائي الشيعي وحلفائه.

تكريس واقع جديد: المواجهة لا المهادنة

إن رفض كلٍّ من القوات اللبنانية، التيار الوطني الحر، والكتائب اللبنانية المشاركة في حكومة نواف سلام لن يكون مجرد موقف اعتراضي، بل خطوة مدروسة لإفشال مشروع يهدف إلى إعادة إنتاج حكومة تتجاوز الإرادة الشعبية الحقيقية لصالح القوى التي أوصلت لبنان إلى أزماته الحالية. هذا الرفض يؤكد أن التوازنات التقليدية لا تزال قائمة، وأن أي محاولة لفرض حكومة بأجندات غير سيادية لن تمر بسهولة.

ضرورة فرز “نواب الثورة” نهائيًا

بات من الضروري إنهاء الضبابية التي تحيط ببعض النواب الذين دخلوا البرلمان تحت شعار “التغيير”. فقد أثبتت التجربة أنهم مجرد أدوات بيد قوى خارجية تعمل على تنفيذ مشاريع لا تخدم مصلحة لبنان. وعليه، يجب فرزهم بوضوح: إما أن يكونوا جزءًا من المعارضة السيادية، أو يتم عزلهم بشكل كامل، إذ لم يعد التعايش معهم في مساحة رمادية خيارًا مطروحًا.

التخطيط لمرحلة ما بعد نواف سلام

بعد إسقاط مشروع نواف سلام، لا يمكن الاكتفاء بالانتصار الظرفي، بل يجب البناء عليه من خلال:

صياغة تحالفات أكثر صلابة: لا بد من توحيد القوى السيادية في جبهة واحدة تمتلك رؤية موحدة لمستقبل لبنان بعيدًا عن المشاريع المشبوهة.

تسمية رئيس حكومة سيادي بالكامل: المطلوب رئيس حكومة يعبر عن الإرادة الوطنية الخالصة، وليس شخصية يتم فرضها كأمر واقع لتنفيذ أجندات خارجية.

التحضير للانتخابات النيابية المقبلة: ينبغي استثمار هذه المرحلة لإعادة تشكيل المشهد النيابي بما يضمن تراجع نفوذ القوى التي تمثل امتدادًا لمشاريع غير وطنية.

مواجهة التدخلات الخارجية بكل الأدوات المتاحة

ما حدث مع نواف سلام ليس سوى نموذج لما قد يتكرر في المستقبل. لذا، يجب أن يكون الدرس المستفاد هو ضرورة التصدي لأي محاولة لاستيراد شخصيات تعمل كأدوات لتنفيذ أجندات دولية على حساب لبنان. المواجهة هنا ليست فقط سياسية، بل إعلامية وشعبية، لفضح كل مشروع يُراد فرضه على اللبنانيين بغطاء مزيف من الشعارات الخادعة.

المرحلة القادمة: لا مكان للمساومات

إذا كان إسقاط مشروع نواف سلام خطوة أولى، فإن التحدي الأكبر هو منع تكرار هذه التجربة تحت عناوين جديدة. المطلوب اليوم وضوح في الرؤية، صرامة في المواقف، واستعداد لخوض مواجهة مفتوحة ضد أي محاولة لإعادة تدوير الأدوات التي أوصلت لبنان إلى حافة الانهيار.

الخلاصة

ما جرى كان معركة صغيرة ضمن معركة أكبر تتعلق بمستقبل لبنان. الانتصار الحقيقي لن يكون فقط في إسقاط شخص أو حكومة، بل في إرساء معادلة جديدة تجعل من المستحيل إعادة إنتاج أي مشروع لا يعبر عن إرادة اللبنانيين الحقيقية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى