لبنان

الأحزاب السيادية تخسر رهان تغيير النظام الفاسد بسبب خديعة نواب الثورة

بقلم تادي عواد –

إن أخطر الأخطاء السياسية ليست تلك التي تُرتكب نتيجة سوء تقدير، بل تلك التي تنتج عن سوء قراءة اهداف الحلفاء المفترضبن. وهذا بالضبط ما وقعت فيه القوات اللبنانية وأحزاب المعارضة السيادية عندما تخلّت عن ترشيح فؤاد مخزومي لرئاسة الحكومة لصالح نواف سلام، بعد أن انطلت عليها خدعة نواب ما يُسمى بـ”الثورة”.

كيف وقع الخطأ؟

كان مخزومي المرشح الطبيعي لمواجهة مشروع حزب الله؛ فهو رجل أعمال مستقل، صاحب علاقات عربية ودولية جيدة، وكان بإمكانه تشكيل حكومة قادرة على التصدي لمخطط حزب الله الهادف إلى تطويق الدولة وإحكام قبضته عليها. لكن بدلاً من ذلك، وقعت المعارضة في فخ نواب الثورة، الذين يحمل معظمهم خلفيات يسارية، فدفعوا بنواف سلام ليكون مرشح “التوافق”، رغم أن الغاية الحقيقية كانت شيئًا آخر تمامًا: إيصال اليسار الغوغائي إلى الحكم.

اليسار الغوغائي: الحليف السري للثنائي الشيعي

لم يكن من الصعب توقّع ما حدث لاحقًا؛ فاليسار اللبناني، الذي طالما رفع شعارات “الحرية” و”السيادة”، كان في الحقيقة مجرد ذراع مموّه لـحزب الله، مستعد للتحالف معه تحت الطاولة من أجل إقصاء القوى السيادية الحقيقية. وهذا ما جرى بالفعل، حيث وجدنا أنفسنا أمام حكومة مشوّهة، هجينة، غير قادرة على اتخاذ موقف واضح ضد مشروع حزب الله، بل ربما كانت أكثر طواعية له من الحكومات السابقة.

كيف أضاعت المعارضة فرصة ثمينة؟

بدلاً من أن تلتفّ المعارضة السيادية حول مخزومي، الذي كان سيمثل خيارًا أكثر قدرة على حشد الدعم الدولي والعربي، انقسمت، وتورّطت في لعبة سياسية خاسرة، وضعت فيها ثقتها بنواب الثورة، الذين أثبتوا أنهم مجرد امتداد آخر للمنظومة الفاسدة التي يزعمون محاربتها.

والنتيجة؟ حكومة ضعيفة، خاضعة، غير قادرة على مواجهة مشروع حزب الله، وتفتقر إلى الحد الأدنى من الدعم الدولي الذي كان يمكن أن تحصل عليه حكومة مستقلة ذات موقف واضح.

بل حتى لو تمّت تسمية نجيب ميقاتي لرئاسة الحكومة، لكان بإمكان المعارضة مواجهة المشروع الإيراني بدعم دولي أفضل مما هو عليه الحال مع حكومة يرأسها نواف سلام، التي جاءت نتيجة تسوية مشبوهة فرضها نواب الثورة، وأدت إلى مزيد من التفكك في صفوف القوى السيادية.

ما العمل الآن؟

لقد وقع الخطأ، لكن الاستمرار فيه سيكون أكثر كارثية. على المعارضة السيادية أن تتعلّم الدرس جيدًا، وتدرك أن التحالفات العشوائية والرهان على قوى “ثورية” بلا رؤية واضحة لن يؤدي إلا إلى المزيد من الفشل. المطلوب هو بناء جبهة سيادية صلبة، ترفض الابتزاز السياسي، وتكون قادرة على فرض خياراتها بصلابة، لا أن تستسلم للمناورات الرخيصة.

لقد خسرنا جولة، لكن المعركة لم تنتهِ بعد. والتاريخ لا يرحم المترددين. أمامنا انتخابات نيابية قريبة، وعلى الشعب أن يقرر أيَّ مشروع يريد.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى