لبنان

عبثية نواب “الثورة” في مسرح السياسة اللبنانية

بقلم تادي عواد –

إن المراقب للمشهد السياسي اللبناني لا يمكنه إلا أن يشعر بخليط من السخرية والغضب تجاه ما يحدث. فبعد سنوات من التخبط والانهيار، ظن اللبنانيون أن بارقة أمل قد لاحت في الأفق مع انتخاب رئيس جمهورية يحمل شعار الإصلاح والتغيير، لتأتي الرياح بما لا تشتهي سفن الإصلاح، حيث يظهر أن بعض من وصلوا إلى مجلس النواب تحت شعار الثورة والتغيير، ما هم إلا انعكاس مأساوي لأزمة الوعي السياسي التي تعصف بالبلاد.

لقد أفرزت الظروف السياسية المتراكمة، بفعل فساد المنظومة الحاكمة، مجموعة من النواب الذين ركبوا موجة الثورة دون أي مشروع سياسي حقيقي أو رؤية واضحة. والمفارقة أنهم باتوا اليوم، دون وعي منهم أو ربما عن قصد، معرقلين لأي محاولة جادة للخروج من المستنقع. هؤلاء ليسوا سوى أدوات فوضوية تخدم النظام القديم، رغم شعاراتهم المزعومة عن التغيير. فبينما يسعى البعض إلى تشكيل حكومة قادرة على مواجهة التحديات، يظهر هؤلاء ليخالفوا الإجماع، لا لشيء إلا رغبة في الظهور بمظهر المختلفين أو الفلاسفة السياسيين.

هؤلاء الحمقى لا يدركون أنهم بخطابهم وتصرفاتهم العبثية يعيدون تثبيت ركائز النظام الذي ادعوا محاربته، بل يقدمون له هدية مجانية بعرقلة أي مسار تغييري محتمل. إن مجرد التمرد على أي إجماع سياسي دون تقديم بدائل واقعية ليس شجاعة سياسية، بل هو ضرب من العبث والأنانية السياسية التي يدفع ثمنها الشعب اللبناني المنهك.

في الواقع، أخطر ما يواجه لبنان اليوم ليس فقط فساد الطبقة السياسية التقليدية، بل أيضاً تفاهة بعض مدّعي الثورة الذين يخوضون غمار السياسة بعقلية المراهقين، متناسين أن البلاد على شفا الانهيار التام. إن الأوطان لا تبنى بالشعارات الرنانة ولا بالمزايدات السياسية، بل بتقديم حلول فعلية والتوافق على الحد الأدنى من المصالح الوطنية.

خلاصة القول، إن هؤلاء النواب “الفلاسفة الجدد” هم جزء من المشكلة، لا الحل. لأنهم بتصرفاتهم الطائشة يعطون مبرراً لاستمرار النظام القديم، ويحولون مسرح السياسة اللبنانية إلى كوميديا سوداء يدفع ثمنها كل مواطن لبناني يحلم بوطن مستقر وآمن.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى