لبنان

أوهام الرهان على الخارج.. السياسيون اللبنانيون والسعودية

منذ سنوات، بات واضحاً أن المملكة العربية السعودية دخلت مرحلة جديدة في سياستها الخارجية تقوم على الحزم والوضوح، متخلية عن نهجها التقليدي القائم على الدعم المفتوح والمبادرات غير المشروطة. ورغم كل المؤشرات الواضحة، لا يزال السياسيون اللبنانيون يتعاملون مع السعودية وكأنها تعيش في تسعينيات القرن الماضي، متوهمين أن بإمكانهم تكرار تجربة الدعم غير المشروط التي كانت في زمن الملك فهد ورئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري.

بري و”الصفقات الكبرى”: محاولات بائسة لإعادة عقارب الساعة

يراهن رئيس مجلس النواب نبيه بري على إمكانية عقد صفقة شاملة تشمل الرئاسة، الحكومة، وحتى المساعدات المالية، وكأن شيئاً لم يتغير في المشهدين المحلي والدولي. هذا النهج يعكس انفصالاً تاماً عن الواقع، خاصة أن السعودية أكدت مراراً أنها لن تدخل في تفاصيل الصفقات ولن تقدّم دعماً قبل تحقيق إصلاحات سياسية، اقتصادية وهيكلية جذرية.

ميقاتي والعباءة السعودية: وهم قديم لن يتجدد

نجيب ميقاتي، الذي يحاول مجدداً العودة إلى رئاسة الحكومة عبر التقرب من السعودية، يخطئ في تقدير الموقف السعودي الحالي. المملكة باتت واضحة: لا دعم ولا علاقات خاصة مع شخصيات لا تملك رؤية إصلاحية سيادية واضحة، ولا تدخل في لعبة توزيع المناصب التقليدية القائمة على المحاصصة الطائفية والمصالح الفئوية.

السعودية: دعم مشروط بالإصلاح والسيادة

من الواضح أن السعودية اليوم لا تنظر إلى لبنان كأرض خصبة لتحقيق مصالح اقتصادية أو سياسية خاصة بها، بل كدولة تحتاج إلى إصلاح جذري وسيادة حقيقية لاستعادة دورها الطبيعي في المنطقة. لن تكرّر المملكة تجربة الدعم غير المشروط ولن تدخل في تسويات تبقي لبنان رهينة السلاح الخارج عن سلطة الدولة.

المطلوب: إنتاج سلطة وطنية سيادية وإصلاحية

على الساسة اللبنانيين أن يدركوا أن زمن انتظار الحلول الخارجية قد ولّى، وأن الطريق الوحيد للخروج من الأزمة يكمن في إنتاج سلطة إنقاذية وطنية وسيادية. عندما يثبت اللبنانيون قدرتهم على إنقاذ بلدهم بأنفسهم، سيجدون السعودية وغيرها من الدول الحريصة على لبنان إلى جانبهم، لكن المبادرة يجب أن تأتي من الداخل، لا من الخارج.

الرهان على الخارج هو طريق للهروب من المسؤولية، ولبنان اليوم يحتاج إلى مسؤولين يدركون أن الإنقاذ لا يأتي عبر صفقات أو وساطات خارجية، بل عبر قرار وطني حاسم باستعادة الدولة من براثن الميليشيات والفوضى والمحاصصة. السعودية تغيّرت.. فمتى يتغير السياسيون اللبنانيون؟

بقلم تادي عواد

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى