لبنان

سمير جعجع… رجل المؤسسات وأمل لبنان في النهوض والتقدم

بقلم تادي عواد

يشهد لبنان اليوم أزمة وجودية غير مسبوقة، حيث تتداخل الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، مما يضع البلاد على حافة الانهيار. في ظل هذه الظروف، تبرز الحاجة إلى قيادة استثنائية قادرة على إعادة بناء الدولة ومؤسساتها. وفي هذا السياق، يظهر سمير جعجع كشخصية ذات رؤية ونهج مؤسساتي أثبت نجاحه في الماضي، ليصبح بارقة أمل في مسيرة إنقاذ لبنان.

تجربة البناء في قلب الحرب

بين عامي 1986 و1990، وفي ذروة الحرب اللبنانية، أظهر سمير جعجع قدرة استثنائية على القيادة وإدارة الأزمات. لم يقتصر دوره على كونه قائدًا عسكريًا للقوات اللبنانية، بل تجاوزه ليبرز كمهندس لبناء المؤسسات المدنية.

أنشأ جعجع شبكة متكاملة من الخدمات الاجتماعية والصحية والتعليمية، التي تفوقت في أدائها على خدمات الدولة اللبنانية نفسها، وشملت:

الرعاية الطبية: تقديم خدمات طبية متطورة، بما فيها عمليات جراحة القلب المفتوح مجانًا لجميع اللبنانيين.

الدعم التعليمي: مساعدة آلاف الطلاب على متابعة تعليمهم من خلال برامج دعم مخصصة.

النقل والإسكان: توفير وسائل نقل عامة بأسعار رمزية، ومشاريع إسكانية وتنموية لدعم آلاف العائلات اللبنانية.

نموذج مؤسساتي فريد

من أبرز الإنجازات التي حققها جعجع خلال تلك الفترة:

مشروع التوأمة: مبادرة لدعم مادي مباشر للعائلات اللبنانية بتمويل من الجاليات اللبنانية في الخارج، استفادت منها أكثر من 2000 عائلة.

الرعاية الصحية: علاج آلاف المرضى بأمراض مزمنة، وتمويل عمليات القلب المفتوح للمحتاجين، بمن فيهم سكان خارج “المنطقة الشرقية”.

التعليم والنقل: دعم تعليم أكثر من 32,000 طالب، وإنشاء شبكة نقل عام فعّالة بأسعار رمزية، مما ساهم في ربط المناطق الرئيسية وخدمة المواطنين.

نهج مؤسساتي وشجاعة المصالحة

مع نهاية الحرب، أظهر سمير جعجع شجاعة وشفافية نادرتين. كان القائد الوحيد الذي قدم اعتذارًا علنيًا للشعب اللبناني عن الأخطاء التي ارتُكبت خلال الحرب الأهلية، في خطوة كرّست التزامه بالمصالحة الوطنية، وهي خطوة لم يجرؤ معظم القادة الآخرين على اتخاذها.

عُرف وزراء القوات اللبنانية المشاركون في الحكومات المتعاقبة بكفاءتهم ونزاهتهم، ونالوا إشادة حتى من الخصوم السياسيين، مما جعلهم نموذجًا يُحتذى به في العمل الحكومي.

لماذا يخشاه البعض؟

تثير قدرة سمير جعجع على الإدارة والقيادة قلق معارضيه، الذين يرونه تهديدًا مباشرًا لمنظومة الفساد والمحاصصة التي تتحكم بلبنان. إن النهج المؤسساتي لجعجع يهدد الإقطاعيات السياسية المتجذرة، ويسعى إلى إرساء دعائم دولة قائمة على العدالة والمساواة. وهذا يجعله خصمًا قويًا لهذه المنظومة الحاكمة، التي أثبتت فشلها الذريع بعد أكثر من 30 عامًا من ممارسة السلطة.

أمل جديد للبنان

ما حققه سمير جعجع خلال أحلك مراحل لبنان يُثبت أنه رجل دولة بامتياز. قدرته على بناء مؤسسات فعّالة تخدم الإنسان حتى في ظل الحرب تعكس رؤيته الواضحة للبنان المستقبل.

اليوم، لبنان في أمس الحاجة إلى قائد يضع المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار لإعادة بناء الدولة من الأساس. وسمير جعجع يُعد من بين القلة القادرين على تحقيق هذا الهدف.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى