الرياض تحسمها من معراب: لا مقايضة ولا رئيس إيرانياً
ينصرف كل فريق إلى ترتيب بيته الداخلي بعد «زوبعة» الإتفاق السعودي- الإيراني، فالإتكال على الخارج لا يؤمّن لوحده الفوز في المواجهة السياسية المفتوحة، بينما لم تتكشّف خيوط هذا الإتفاق بالنسبة إلى وضعية لبنان الجديدة. وفي السياق، تطمئن معراب إلى مجرى الأحداث و»اللوبي» المسيحي والوطني الرافض لإنتخاب رئيس تيار «المرده» سليمان فرنجية أو أي شخصية من فريق 8 آذار، في حين تبقى الأولوية في الفترة الحاسمة وخلال لعبة «عضّ الأصابع»، للصمود وتوحيد المعارضة من أجل تحسين الشروط الرئاسية والحكومية من بعدها.
وبينما عاش لبنان ساعات من المدّ والجزر على خلفية القرار «الاعتباطي» الذي اتّخذه كل من رئيس مجلس النواب نبيه برّي ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بتأجيل تقديم الساعة وتكريس حكم المنظومة التي أوصلت لبنان إلى الإنهيار، خرقت زيارة السفير السعودي في لبنان وليد البخاري ولقاؤه رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع في معراب، البرودة السياسية والرئاسية، وظهّرت الرياض الموقف الحقيقي بعد الإتفاق السعودي – الإيراني.
يحاول فريق «حزب الله» الذي تبنّى ترشيح فرنجية الإيحاء بتغيير قريب في الموقف السعودي من هذا الترشيح، لكن الوقائع تُسقط كل أحلام 8 آذار وآمالها برفع «الفيتو» السعودي عن ترشيح فرنجية. وفي السياق، كان كلام البخاري أكثر من واضح بعد انتهاء لقاء معراب، وهو الذي شدّد على أن «لبنان عضو مؤسس في جامعة الدول العربية، وحماية شعبه وإنقاذ هويته مرتبطان بالأمن القومي العربي والسلام الإقليمي والدولي».
وفي قراءة لكلام البخاري يتّضح أن السفير السعودي أكد أن لبنان لن يكون الاستثناء في الاتفاق السعودي- الإيراني، والرياض لا تعمل على قاعدة استثناءات أو بمنطق المقايضات وتحرص على سيادة الدول العربية جميعها ولبنان جزء لا يتجزّأ من الوضعية العربية ولا يمكن مقايضته باليمن أو أي دولة أخرى ومنحه لإيران، فبيروت بنظر الرياض إحدى أهم العواصم العربية ولن تسمح برميها في الحضن الإيراني.
ومن جهة ثانية، ما يقوله البخاري هو دخول المنطقة في مرحلة جديدة، وهذه المرحلة يحكمها الإتفاق السعودي – الإيراني، ولن يستثني أي دولة عربية وفي طليعتها لبنان وكل ما هو عربي ستحرص الرياض على صيانته وحمايته، ولبنان جزء لا يتجزّأ من جامعة الدول العربية وكل عضو في الجامعة سيكون تحت حماية المملكة ورعايتها. ومن هذا المنطلق يُشدّد البخاري على أنّ المسألة المتعلّقة برئاسة الجمهورية تدخل في هذا السياق، وبالتالي ممنوع أن تكون رئاسة الجمهورية في لبنان إيرانية بل عليها أن تصبح لبنانية – عربية. وكذلك تحدّث السفير خلال اللقاء عن حاجة لبنان الى إصلاح حقيقي وجذري يُنقذ الشعب والدولة من الوضعية الحالية، فإلى جانب هوية الرئيس يجب أن يحمل الرئيس برنامجاً إصلاحياً، ولا يمكن لخط الممانعة إيصال رئيس لأنّ هويته السياسية ستكون إيرانية وسيكون حتماً ملطّخاً بالفساد، لذلك الحزم السعودي يؤكّد أن لا رئيس إيرانياً في لبنان.
لم يفاجئ الموقف السعودي معراب أو القوى السيادية لأنها كانت على علم بعدم المساومة في موضوع السيادة وهوية البلد وإستعادة الدولة، لكن هذا الأمر سيترك إرتداداته داخل فريق «الممانعة» الذي كان يأمل برضى سعودي على ترشيح فرنجية، في حين يعاني هذا الفريق من كثرة الإنشقاقات الداخلية، فلم ينجح «حزب الله» حتى هذه اللحظة في إقناع رئيس «التيار الوطني الحرّ» النائب جبران باسيل بالسير بترشيح فرنجية، وبالتالي سيفقد هذا الفريق بالتأكيد السيطرة على الرئاسة الأولى التي استخدمها سابقاً لتغيير هوية البلد ووظفها لخدمة مشروع إيران الأكبر.
المصدر: ألان سركيس – نداء الوطن