سمير جعجع… رجل المؤسسات
تاريخ سمير جعجع إرتبط بصورة “المنطقة الشرقية” حيث برهن جعجع أنه ليس قائداً لـ”القوات اللبنانية” “العسكرية” فحسب، بل انه قادر ايضاً على بناء وادارة المؤسسات.
لقد بنى سمير جعجع خلال فترة قصيرة نسبياً (1986 – 1990) مؤسسات فاعلة داخل “المنطقة الشرقية”، لم تستطع الدولة اللبنانية تأمينها لمواطنيها حتى يومنا هذا.
في المرحلة الأولى بدأ جعجع باعادة تنظيم المؤسسة العسكرية “القواتية”، من خلال مشروع إعادة التأهيل، وإنشاء معاهد الضباط والرتباء، ليخلق كوادر ورتب جعلت من “القوات” مجموعة عسكرية منظمة ومنضبطة.
في المرحلة الثانية إنتقل الى خلق مؤسسات مدنية أخذت على عاتقها آلاف الأشخاص، تتولى طبابتهم وتأمين الدواء والإستشفاء لهم، مشاريع سكنية، نقل مشترك، مؤسسات إجتماعية، مساعدات طبية واجتماعية استفاد منها مئات آلاف العائلات، عمليات قلب مفتوح، مشاريع إقتصادية وتنموية، خلق فرص عمل وإنشاء مؤسسات إعلامية…
إليكم نماذج عن بعض المشاريع التي تم إطلاقها خلال سنوات (1988- 1989) في “المنطقة الشرقية”:
– أطلق مشروع التوأمة حيث تم توزيع مساعدات مادية تراوحت قيمتها بين 300 و 600 دولار أميركي لـ 2143 عائلة عن سنة كاملة تبنتها عائلات لبنانية في البرازيل وفرنسا وانكلترا.
– تقديمات طبية يستفيد منها المصابون بأمراض مزمنة (الكلي، القلب، الضغط، الربو، السكري، وداء النقطة) يبلغ عددهم 4393 مريضاً.
– تقديمات تربوية ( 32649 طالب) نسبة 60% من ثمن الكتاب المدرسي.
– مشروع النقل العام، انطلق في البداية بهدف تأمين النقل العام على الخط الساحلي (البربارة-المتحف) برسوم رمزية، وتوسع ليشمل عدداً من المناطق الأخرى.
– تأمين كامل تكاليف عمليات جراحة القلب المفتوح (حتى لمرضى من خارج المنطقة الشرقية).
سنة 1989 حقق سمير جعجع خطوة كبيرة في اتجاه ضبط موازنة “القوات” بحيث أصبحت أكثر توازناً واستجابة لمتطلبات المجتمع. فبعد أن كانت الموازنة العسكرية حوالي 70 في المئة من أموال صندوق “القوات”، تم تقليصها الى 35 في المئة، وخصَص 30 في المئة للشأن الإجتماعي، و10 في المئة للديبلوماسية الخارجية و8 في المئة للإعلام.
هذه هي صورة سمير جعجع الحقيقية التي يحرص “إعلام الممانعة” على تشويهها. وتبقى الإجابة على الأسئلة التالية: لماذا كل هذا الحقد؟ لماذا يخافون سمير جعجع لهذه الدرجة؟
يخافون من تكرار تجربة بشير الجميّل الذي استطاع في عشرين يوماً فقط، أن يبني نواة دولةٍ حقيقية، قبل أن تنال منه يد الإجرام التي تتحكّم بمصير لبنان، والتي جعلت من هذا الوطن دولةً فاشلة.
يخافون ابن “البيت المتواضع” من أن يخرب اقطاعياتهم السياسية، التي بنوها من دماء وأموال الشعب اللبناني.
يخافون المقاوم الصلب الذي عجزوا عن تحطيمه خلال 11 سنة من السجن.
ولعل من أبرز ما يخافونه في سمير جعجع هو فكره المؤسساتي، وقدرته على بناء المؤسسات وإدارتها.
فالمؤسسة التي بناها سمير جعجع، والتي سطرت أروع ملاحم الصمود والبطولة في أيام الحرب، تظهر قدرتها على إنماء المناطق وإعادة الأمل بلبنان وبدوره أيام السلم.
الكاتب : تادي عواد