الحريري يقدم خدمة مجانية لحزب الله وإيران
قالت أوساط سياسية لبنانية إن رئيس الوزراء السابق سعد الحريري قد وضع نفسه في صف حزب الله وإيران من خلال دعوته سنة لبنان إلى مقاطعة الانتخابات، مشيرة إلى أن السنة سيكون دورهم محدودا لو تمت مقاطعة الانتخابات وهو ما تريده إيران.
واعتبرت الأوساط السياسية اللبنانية أنه من الغريب أن يتحدث سعد الحريري عن الهيمنة الإيرانية وكأنها حدثت الشهر الماضي، في وقت يعرف فيه جميع اللبنانيين أنه ساهم من جانبه في تثبيت نفوذ حزب الله بعد المشاركة في حكومة ضعيفة كان دورها الأساسي التغطية على تحالف العهد بين حزب الله ورئيس الجمهورية ميشال عون.
وتساءلت هذه الأوساط لماذا لم يطلق الحريري تصريحات نارية في السابق حين كان رئيسا للحكومة في وقت كان فيه حضور إيران طاغيا على القرار السياسي للبنان وسلاح حزب الله مسيطرا على المشهد، لافتة إلى أنه بالمقاطعة أو بالمشاركة ثمة خلل سيبقي لإيران فرصة الحضور في لبنان كما تحب.
وأضافت أن الأجدر بالقوى السنية والمسيحية أن تدخل معركة الانتخابات لهزيمة حلفاء حزب الله بدلا من التحرك بشكل منفرد، وأن المقاطعة شيء استعراضي خصوصا من قوة مستهلكة مثل الحريري الذي كان “حلب” النظام السياسي لسنوات وقبل كل العيوب التي ينتقدها الآن.
وشهدت مناطق لبنانية عديدة تعليق لافتات مؤيدة لتيار “المستقبل” وزعيمه سعد الحريري تدعو إلى مقاطعة الانتخابات النيابية المقررة في الخامس عشر من مايو الجاري.
ورفعت الثلاثاء في بعض شوارع بيروت وضواحيها ومناطق أخرى بمحيط العاصمة لافتات تحث على مقاطعة الانتخابات التزاما بقرار الحريري.
وقال مراقبون إن الحريري يريد أن يلفت الأنظار إليه خاصة بعد الصمت السعودي تجاهه، ودعم الرياض لمشاركة السنة بشكل فعال في الانتخابات والحصول على تمثيل يمكنهم من لعب دور في التأثير سواء داخل البرلمان أو في مشاورات تشكيل الحكومة.
وأشار المراقبون إلى أن الأجدر برئيس الوزراء السابق أن يتحدث عن انتهاء مراهنة السعودية عليه بشكل تام وفشله في أن يكون معادلا قويا بوجه أجندة حزب الله وإيران، وأن يحمّل نفسه مسؤولية تراجع دوره اللبناني والخارجي كورقة مهمة في الحل بلبنان بدلا من سياسة التعطيل التي لا تعني سوى تحميل السنة مسؤولية فشله الشخصي.
ولفت هؤلاء إلى أن الحريري لو قامت السعودية بدعمه لكان مؤيدوه يضعون صور ترشيحه بدلا من دعوات المقاطعة، ما يظهر أن الأمر يتعلق بذاته ومصالحه وليس بمصالح السنة ودورهم وإن كانت مقاطعة مثل هذه ستحقق لهم مكاسب خاصة أن قوى أخرى تتنافس لكسب أصواتهم لتقوية حضورها البرلماني والسياسي.
وخلص المراقبون إلى التأكيد على أن أوقات المواقف القوية التي كان على الحريري اتخاذها باتت شيئا من الماضي حين قبل الارتهان لتركيبة عون وحزب الله لأكثر من مرة، معتبرين أن التصعيد بدعوات المقاطعة من جانب الحريري وتيار المستقبل المتشظي حول نفسه هو تأكيد على أن رئيس الوزراء اللبناني السابق قد وضع على الرف السعودي.
وفي يناير الماضي أعلن الحريري تعليق عمله السياسي وعدم مشاركة تياره في الانتخابات.
وآنذاك، اعتبر الحريري أنه “لا مجال لأيّ فرصة إيجابية للبنان في ظل النفوذ الإيراني والتخبط الدولي والانقسام الوطني واستعار الطائفية واهتراء الدولة”.
وبحسب بيانات وزارة الداخلية، يُشكل “السنة” العدد الأكبر للناخبين في لبنان (مليون و81 ألفا و520 ناخبا) يليهم “الشيعة” ثم “الموارنة” ثم المذاهب الأخرى.
وحذر مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان، الاثنين، من خطورة مقاطعة الانتخابات، معتبرا أنها “الفرصة المتوفرة لتحقيق التغيير”.
وقال المفتي دريان في خطبة عيد الفطر إن “الامتناع عن المشاركة في الانتخابات هو الوصفة السحرية لوصول الفاسدين السيئين إلى السلطة”، مشيراً إلى أن “الانتخابات النيابية فرصة أمامنا للتغيير، فليكن تغييراً نحو الأفضل، باختيار الأصلح والمشاركة الفعلية الكثيفة”.
وأضاف “لقد مرّ لبنان عبر تاريخه الحديث بأزمات سياسية وأمنية صعبة ومعقدة وواجه مصاعب اقتصادية واجتماعية كثيرة ومتداخلة، ولكنه استطاع أن يخرج منها بفضل تمسكه بوحدته الوطنية وعيشه الواحد”.
وأشار إلى أن اللبنانيين اليوم قادرون “على إعادة بناء وطنهم من جديد، وعلى إعادة ترميم مؤسسات دولتهم المتداعية، وذلك انطلاقاً من اختيار أعضاء المجلس النيابي الذي يشكل المدخل إلى الإصلاح المنشود”.
ودعا دريان الناس ليكون همّهم “منصبّا على التغيير الوطني، والإنقاذ الوطني، بدل أن يكون همهم الاندفاع نحو الهجرة، حتى لو كان الثمن أن تطويهم أمواج البحر الهائجة”.
ومن المتوقع أن تحتدم المنافسة الانتخابية في ظل حالة الغضب الشعبي جراء الانهيار الاقتصادي المستمر منذ أكثر من عامين.
ويرى خبراء أن قوى 8 آذار (حلفاء إيران والنظام السوري) باتت أكثر تماسكا من تحالفات قوى 14 آذار (قريبة من الرياض وواشنطن).
وفي الآونة الأخيرة طُرحت تساؤلات عديدة حول مدى تراجع دور “السُنة” السياسي بلبنان في ظل حالة التخبط التي تعصف بساحتهم، في مقابل تعاظم دور إيران عبر حليفها حزب الله.
وتزامنت هذه التطورات مع تصدع العلاقات بين بيروت والرياض منذ أواخر أكتوبر الماضي، على خلفية تصريحات حول حرب اليمن أدلى بها جورج قرداحي قبل تعيينه وزيرا للإعلام، وقادته إلى الاستقالة لاحقا.
وبعد غياب دام أكثر من خمسة أشهر على خلفية هذه الأزمة، عاد سفراء السعودية والكويت واليمن إلى بيروت مطلع أبريل الماضي، بعد وساطة كويتية لـ”إعادة الثقة” مع لبنان من خلال التزام الأخيرة بعدم التدخل في الشؤون الخليجية.