لبنان

العونيون وسلامة: إستخدام وخدمة

كتب جورج العاقوري _ ميديا فاكتوري

في السياسة الترويجية التي يعتمدونها لذاتهم، يجمع العونيون بين “البطولات الوهمية” و”لعب دور الضحية”، لذا يضجّ قاموس مصطلحاتهم بعبارات كـ”الحرب الكونية” و “ما خلونا”. في هذا الاطار، يمكن إدراج علاقتهم بحاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي يشكل موقعه أحد الاعمدة المسيحية في الدولة اللبنانية الى جانب موقع قائد الجيش ورئيس مجلس القضاء الاعلى والتي لطالما سعوا الى القبض على مفاصلها عبر شبه إحتكار الحصة المسيحية من التعيينات.

يدعي العونيون انهم يخوضون حرباً بلا هوادة ضد سلامة منذ سنوات عدة، فيما “الابراء المستحيل” العوني نسخة سلامة طبق الاصل عن “الابراء المستحيل” بحق “تيار المستقبل” أي غبّ الطلب، بحيث إما يكون نجم مواجهاتهم ” أو يرمى في غيابه النسيان وذلك وفقاً لمقتضيات مصلحة “التيار”.

لا يرتدعون عن تسخير كل شيء حتى القضاء والعسكر خدمة لذلك، وآخر الفصول توجّه مجموعة من “امن الدولة” بناء على طلب مدعي عام جبل لبنان القاضية غادة عون الى أماكن إقامة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة من أجل إحضاره للمثول أمامها بدعاوى فساد والإثراء غير المشروع.

هذه العراضة الميدانية تترافق مع عراضة مستدامة على وسائل التواصل الاجتماعي من قبل الجمهور العوني مدعّمة بمواقف شبيهة لمسؤوليه السياسيين لجعل سلامة “كبش فداء” وتحميله مسؤولية الانهيار المالي والنقدي الذي وصلت اليه البلاد وغسل يدي “التيار” من ذلك.

خطوة القاضية عون بحق سلامة، وبمباركة وربما طلب من العهد، تأتي عشية اللغط الذي رافق الرسالة التي وجهها لبنان الى الامم المتحدة بشأن ترسيم الحدود البحرية وعدم حسمه التمسك بالخط 29 وكأنها لحرف الانظار عن فضيحة عدم التمسك بالحقوق اللبنانية.

هي شبيهة بـ”همروجة” غارات القاضية عون المتكررة على “شركة مكتف للتحويلات المالية” في نيسان 2021 و”عراضة” الخلع والكسر ومصادرة الداتا، عقب توقيع وزير الاشغال العامة ميشال نجار على مرسوم تعديل الحدود البحرية (المرسوم 6433) قاطعاً الطريق على الحملة العونية التي إتهمت “المردة” بالعرقلة وذلك لحرف الانظار عن تخلّف الرئيس عون عن التوقيع على المرسوم.

في خطوة القاضية عون الاخيرة، أكثر من نتيجة حققها “التيار الوطني الحر”:
* تسجيل نقطة معنوية للتيار عبر فتح معركة مع سلامة بعد شيطنته عبر تحميله مسؤولية الانهيار المالي والنقدي ومحاولة كسب عطف الشعبي جراء غضب الناس من احتجاز اموالهم في المصارف.
* إفتعال إشكالية مع مدير عام قوى الامن الداخلي اللواء عماد عثمان – المحسوب على “تيار المستقبل” – بعد إدعاء القاضية عون عليه وتصويره انه يعيق تطبيق القانون مقابل تظهير مدير عام أمن الدولة اللواء أنطوان صليبا – المحسوب على التيار الوطني الحر- كاليد التنفيذية لقيام الدولة.
* إيقاع أفرقاء كثر في فخ الدفاع عن سلامة لرجمهم بتغطية الفساد، حتى ولو ان الأمر هو رفض للإستنسابية في ملاحقة جميع المسؤولين عما وصل اليه البلد مالياً ونقدياً ولحصر المسؤولية بسلامة الذي يبقى دوره إجرائياً وشريكاً لطبقة حكمت لبنان منذ إنطلاق الطائف.

إلا ان “التيار” رقص على حافة “نار الفتنة” عبر:
* تحرك ميداني كاد يوقع إشكالاً بين جهاز امن الدولة وقوى الامن الداخلي المولجة بحماية الحاكم.
* إستجلاب ردود وردود مضادة مع “تيار المستقبل” وإستفزاز الشارع السني من خلال ملاحقة اللواء عثمان، فيما “التيار” نفسه يغطي معنوياً اللواء صليبا من خلال المجلس الاعلى للدفاع ويرفض ملاحقته في قضية إنفجار المرفأ.

يدرك العونيون جيداً أن إقالة سلامة – أقّله قبل استحقاق الانتخابات النيابية – غير واردة وأن اي تعيينات لن تمرّ قبل هذا الاستحقاق، لكن إستخدامهم ورقة سلامة بحثاً عن عطف شعبي يعوّض للتيار تقهقره عشية التوجه الى صناديق الاقتراع هو خدمة لحاكم مصرف لبنان لأنه يخلق ليس تعاطفاً معه بل حالة رفض لإستهدافه ويساهمون بتصويره ضحية ملاحقات كيدية لغايات عونية.

Show More

Related Articles

Back to top button