المطران عودة : اختاروا اقتحام المناطق الآمنة، وترهيب أهلها واتهام المدافعين عن أنفسهم بأنهم المعتدون والقتلة
ترأس متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عوده، قداس الأحد في كاتدرائية القديس جاورجيوس.
بعد الإنجيل، قال في عظته: “تكمن دينونة العالم في خياراته، فنحن نختار مصيرنا في الحياة الأبدية، أي نختار الاشتراك في النور أو رفضه، من خلال طريقة حياتنا وقناعاتنا الفكرية. يقول المسيح في إنجيل يوحنا إن سبب إدانة الجاحدين هو أن النور – أي المسيح – جاء إلى العالم، لكن الناس أحبوا الظلمة أكثر من النور، لأن أعمالهم كانت شريرة (يو 3: 19). نرى هذا الجحود في اختيار أهل كورة الجرجسيين، وما من سببٍ لهذا الخيار سوى أن أعمالهم كانت شريرة. كانوا يرعون الخنازير، وبهذا تعدوا الناموس الذي منع تناول لحم الخنازير. الرعاة، وهم قادة هذا العصيان، أخبروا سكان المنطقة بالعجيبة. لقد أضحى الرجل المخيف، الممسوس، كحمل بريء، غير أن زمرة الشياطين التي سكنته دخلت في قطيع خنازير أولئك المتعدي الناموس، واختنقت في البحر. أما السكان فلم يفرحوا لشفاء ابن بلدتهم، بل اعتراهم خوف عظيم ناتج من تعديهم للناموس. لم يترك هذا الرعب مكانا للفرح بانعتاق بلدتهم من الخوف. فقد خلخلت المعصية مقاييس نفوسهم، وخافوا سلام المسيح أكثر مما كانوا يخافون الممسوس. أتى سلام المسيح إلى كورتهم، مزيلا عوارض الخوف وأسبابه، لكنهم أحبوا علة الشر أكثر، لذلك لم يحتملوا توبيخه”.
وسأل: “ألا يحدث هذا في بلدنا الحبيب حاليا؟ فقد جاء من يدخل بصيص نور إلى ما أفسده الدهر والسياسيون في السلك القضائي، إلا أن الخوف من دينونة العدالة ومحاولة التهرب من الإدلاء بالشهادة حرك الممسوسين بشياطين الفساد، وجعلهم يختارون ظلمة الحرب والشقاق والقتل والتهويل، واقتحام المناطق الآمنة، وترهيب أهلها وطلاب مدارسها واتهام المدافعين عن أنفسهم بأنهم المعتدون والقتلة، بدلا من أن يفرحوا بالحق وإرساء قواعد القضاء النزيه المستقل العادل. كانوا ينادون بالحقيقة والعدالة، لكن ما إن لاحت بوادرها، حتى ارتاعوا وشمروا عن سواعدهم لوأدها قبل أن تظهر إلى العلن، وتطيح بالمسؤولين الفعليين عن خراب البلد وتفجيره وإحراقه وانهياره إقتصاديا وأمنيا وبيئيا وتربويا وصحيا وأخلاقيا.
أضاف: “أهل بيروت لن يسكتوا ولن يتراجعوا عن مطالبتهم بالحقيقة ولن يقبلوا بأن تكون العدالة انتقائية. وعلى الجميع أن يكونوا تحت القانون وفي خدمة العدالة. بدون عدالة لن تكون دولة.