لبنان

الراعي: اغتيال لقمان سليم اغتيال للرأي الحرّ… حان الوقت لوضع حد للسلاح المتفلت

رأى البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي أنّه “بتطبيق المثل الإنجيليّ على واقع حالنا في لبنان، السلطة السياسيّة تتمثّل بذاك الغنيّ، والشعب بلعازر المسكين”. واضاف: ” يوجد بين الفريقين هوّة عظيمة. فأصحاب السلطة في مكان مع مصالحهم وحساباتهم وحصصهم، والشعب في مكان آخر مع عوزهم وحرمانهم وجوعهم. كنّا نعوّل بثقة على تأليف حكومة “مهمّة وطنيّة” انقاذيّة، كبدايةِ محاولةٍ لردم الهوّة. لكنّ الآمال خابت بسبب تغلّب المصالح الشخصيّة والفئويّة وعجز المسؤولين عن التلاقي والتفاهم”.

وأعلن في عظة الأحد أنّه “تجب المجاهرة بأنّ وضع لبنان بلغ مرحلةً خطيرةً تُحتِّمُ الموقفَ الصريحَ والكلمةَ الصادقةَ والقرارَ الجريء. السكوتُ جُزءٌ من الجريمةِ بحقِّ لبنان وشعبه، وغسلُ الأيادي اشتراكٌ في الجريمة. لا يجوز بعد اليوم لأيِّ مسؤولٍ التهرّبُ من المسؤوليّةِ ومن الواجباتِ الوطنيّة التي أنُيطَت به تحت أي ذريعة.إنّ الوضعَ تخطّى الحكومةَ إلى مصيرِ الوطن. وعليه ،كلُّ سلطةٍ تتلاعب بهذا المصير وتتخلّى عن الخِيارِ الوطني التاريخيِّ تَفقِدُ شرعيّتَها الشعبيّة”.

وتابع: “شعبُنا يَحتضِرُ والدولةُ ضميرٌ ميت. جميعُ دولِ العالمِ تَعاطَفت مع شعبِ لبنان إلا دولتَه. فهل من جريمةٍ أعظمُ من هذه؟ نادَينا فلم يَسمَعوا. سألنا فلم يُجيبوا. بادَرنا فلم يَتجاوبوا. لن نَتعبَ من المطالبةِ بالحقّ. وشعبنا لن يرحلَ، بل يبقى هنا. سيَنتفِضُ من جديد في الشارع ويطالبُ بحقوقِه، سيثورُ، ويحاسب. سلبيّتُكم تَدفعُه قسرًا نحو السلبيّة. استخفافُكم بألآمِه ومآسيه يَدفعُه عَنوةً نحو خِياراتٍ قصوى. وفوق ذلك استُنفدت جميعَ المبادرات والوساطات اللبنانيّة والعربيّةِ والدوليّة من دون جدوى وكأن هناك إصرارًا على إسقاط الدولة بكل ما تمثل من خصوصية وقيم ودستور ونظام وشراكة وطنية”.

وتوجه إلى المسؤولين بالقول: “مهلاً، مهلًا أيّها المسؤولون، فلا الدولة ملككم، ولا الشعب غنمٌ للذبح في مسلخ مصالحكم وعدم إكتراثكم”.

واردف: “إنّّ وضع لبنان المنهار، وهو بحسب مقدّمة الدستور، “عضو مؤسّس وعامل ملتزم في جامعة الدول العربيّة، وعضو مؤسّس وعامل ملتزم في منظّمة الأمم المتّحدة” (فقرة ب)، يستوجب أن تطرح قضيّته في مؤتمر دوليّ خاص برعاية الأمم المتّحدة يثبّت لبنان في أطره الدستوريّة الحديثة التي ترتكز على وحدة الكيان ونظام الحياد وتوفير ضمانات دائمة للوجود اللبنانيّ تمنع التعدّي عليه، والمسّ بشرعيّته، وتضع حدًّا لتعدّديّة السلاح، وتعالج حالة غياب سلطة دستوريّة واضحة تحسم النزاعات، وتسدّ الثغرات الدستوريّة والإجرائيّة، تأمينًا لإستقرار النظام، وتلافيًا لتعطيل آلة الحكم أشهرًا وأشهرًا عند كلّ إستحقاق لإنتخاب رئيسٍ للجمهوريّة ولتشكيل حكومة.

ولفت إلى “إنّنا نطرح هذه الأمورَ لحرصنا على كلِّ لبنانيٍّ وعلى كلِّ لبنان. نطرحها للحفاظِ على الشراكةِ الوطنيّةِ والعيش المشترك المسيحيّ – الإسلاميّ في ظلِّ نظامٍ ديمقراطيٍّ مدنيّ”.

وعن اغتيال الناشط لقمان سليم قال: “لقد شَبِعنا حروبًا وفتنًا واحتكامًا إلى السلاح. لقد شَبِعنا اغتيالاتٍ، وقد أدمى قلبنا وقلوب الجميع في اليومين الأخيرين استشهادُ الناشطِ لقمان محسن سليم، ابن البيتِ الوطنيِّ، والعائلةِ العريقة. إنَّ اغتياله هو اغتيالٌ للرأيِ الآخَر الحرّ، ودافِعٌ جديدٌ لوضعِ حدٍّ لكلِّ سلاحٍ متفلِّت يقضي تدريجيًّأ على خيرة وجوه الوطن. وإذ نعزّي عائلته وأصدقاءه، ندعو الدولةَ إلى الكشفِ عن ملابساتِ اغتياله وعن الجهةِ المحرِّضةِ على هذه الجريمةِ السياسيّة النكراء”.

وشدد في ختام عظته على أنّه “نحن من جهتِنا لن نقبلَ القدرَ لأنّنا أبناءُ الإرادة، ولا المصيرَ المجهول لأنَنا أصحاب مصيرنا. لن نَقبلَ هذا الانحرافَ لأنَنا أهلُ الخطِّ المستقيم، ولا الهدمَ لأنّنا أهلُ بناءٍ. لن نقبلَ الأمرَ الواقع لأنّنا أهلُ الشرعيّةِ والدستور، ولا التواطؤَ لأنّنا أهلُ موقفٍ وطنيّ. وسنسير في هذا الموقفِ الوطنيِّ حتى إنقاذِ لبنان”.

Show More

Related Articles

Back to top button