لبنان

تسلسل الصراع البحري بين لبنان والاحتلال.. هل تشتعل الحرب؟

تحدث معهد بحوث الأمن القومي التابع لجامعة “تل أبيب” العبرية الخميس، عن تسلسل الصراع البحري بين لبنان والاحتلال الإسرائيلي، وما يمكن أن يتسبب به في إشعال حرب ثالثة بين الجانبين.


وتساءل المعهد في نشرته الدورية “نظرة عليا”: “هل الغاز الطبيعي في البحر المتوسط سيشعل حرب لبنان الثالثة؟”، مدعيا أنه “لو استجابت الحكومة اللبنانية لمشروع الحل الوسط الأمريكي الذي عرض في 2012، لتلقى الاقتصاد اللبناني زخما مهما وكذلك اقتصادات أخرى في المنطقة”.


وأضاف المعهد الإسرائيلي أنه “يمكن للإدارة الأمريكية أن تقلص خطر الاشتعال، إذا ما أعادت لبنان إلى مسار الحوار مع إسرائيل، حتى وإن لم يكن مباشرا، وذلك من خلال وسيط نزيه يقبله اللبنانيون”، مشيرا إلى أن “قادة إسرائيل يعتقدون أن خطوات حكومة لبنان بنشر عطاء لاستثمار الغاز الطبيعي في مياه البحر المتوسط، هو خطأ جسيم وسلوك استفزازي”.


وذكرت الورقة البحثية أن “نزاعات الحدود المالية ليست أمرا جيدا للبنان ولا حتى إسرائيل”، موضحة أنه “في بعض الحالات فإن قسما كبيرا من هذه النزاعات تنبع من المنافسة على القدرات الاقتصادية، سواء كانت هذه مواقع الصيد أم حقول النفط والغاز”.


ولفتت إلى أن “ميثاق الأمم المتحدة بشأن القانون البحري، يمنح الدولة حقوقا اقتصادية حصرية في المساحة الممتدة حتى مسافة 200 ميل بحري عن شواطئها”، منوهة إلى أن “إسرائيل بدأت التنقيبات في مياهها الاقتصادية قبل أكثر من 20 سنة”.


وأكدت أنه “منذ 2003 يضخ الغاز الطبيعي من البحر إلى إسرائيل”، مبينة أن “الخلاف نشب مع لبنان في عام 2010، حينما أعلن مجمع الشركات الذي يبحث عن الغاز في حقل لافيتان عن اكتشاف الغاز، وفي الشهر ذاته وقعت إسرائيل وقبرص على ترسيم الحدود البحرية بينهما، لأن المسافة بينهما أقل من 400 ميل بحري”.


واستدركت بقولها: “في صيف 2010 سارع لبنان وأودع في الأمم المتحدة وثائق حدد فيها حدوده البحرية بينه وبين إسرائيل”، مضيفة أنه “في حزيران 2011 توجه لبنان مرة أخرى إلى الأمم المتحدة، معربا عن معارضته للاتفاق بين إسرائيل وقبرص، الذي يخرق حقوقه السيادية والاقتصادية، ويمكنه أن يعرض السلام والأمن الدوليين للخطر، ولا سيما إذا ما قررت إحدى هاتين الدولتين أن تنفذ بشكل أحادي الجانب صلاحياتها السيادية في المنطقة، والتي يرى فيها لبنان جزءا غير خاضع للخلاف من المنطقة الاقتصادية الحصرية له”.


وتابعت: “إسرائيل ردت في 12 حزيران/ يونيو 2011، وأرفقت مخططات ترسيم الحدود البحرية بينها وبين لبنان، أما الفوارق بين الترسيم اللبناني والإسرائيلي فيخلق مساحة 850 كيلو متر مربع موضع خلاف”.


وذكرت الورقة البحثية أنه “في أواخر 2011 بدأت إسرائيل تبحث عن السبل لحل النزاع الناشئ بوسائل دبلوماسية مع الاستعداد للوصول إلى حل وسط، وفي المشاورات بين الوزارات المختلفة تقرر أيضا عدم منح امتيازات جديدة على مقربة من المنطقة موضع الخلاف من أجل السماح لحل وسط”


وأشارت إلى أنه “رغم وجود قناة حوار بين إسرائيل ولبنان برعاية قوات الطوارئ الدولية، تقرر عدم استخدامها لأن تفويض القوة الدولية لا يتناول الحدود البحرية”، مؤكدة أن “إسرائيل تفضل وساطة بغير رعاية الأمم المتحدة، والمصلحة الإسرائيلية في الوساطة أدت إلى عدة توجهات من أطراف ثالثة وفي نهاية المطاف فضلت الوساطة الأمريكية”.


وأفادت بأن “نائب المبعوث الأمريكي فرد هوف أخذ على عاتقه مهمة الوساطة في شباط/ فبراير 2012، وخلال المحادثات عادت إسرائيل وأعربت عن رغبتها في حل الخلاف في محادثات مباشرة مع مندوبي حكومة لبنان وبحل وسط”، مؤكدة أنه “في نيسان/ أبريل 2012 تقدم هوف في لقاءات منفصلة في لبنان، في ضوء الرفض اللبناني للقاء ثلاثي، باقتراح حل وسط لتقسيم المنطقة موضع الخلاف”.


وبينت أنه “في 2 أيار/ مايو 2012 صادق وزير الخارجية في حينه أفيغدور ليبرمان على الاقتراح الأمريكي، رغم أنه منح لبنان قسما كبيرا من المنطقة”، مشيرة إلى أنه “حتى الآن لم يصل جواب رسمي من لبنان، وإن كان حسب تقارير الدبلوماسيين الأمريكيين الذين كانوا على اتصال مع الحكومة اللبنانية، فإنهم بحثوا معا في إيداع مواز في الأمم المتحدة للاقتراح الأمريكي، ويمكن أن يفهم من ذلك أنه مقبول من الحكومة اللبنانية”.


وبحسب المركز البحثي الإسرائيلي، فإنه “بعد سنة من تقديم الاقتراح الأمريكي الأصلي نقل الوسيط الأمريكي الجديد أفكارا لم يكن واضحا إذا كانت هي أفكاره أم أفكار الحكومة اللبنانية، والتي شوهت الاقتراح الأصلي”، لافتا إلى أن “الخط الأساس لهذه الأفكار كان خلق منطقة فصل بين إسرائيل ولبنان من خارج المنطقة التي يطالب بها لبنان”.


وأردف قائلا: “فضلا عن كون الفكرة غير مقبولة تماما، فإن من شأنها أن تنتج ضررا اقتصاديا جديا للدولتين لأنها تمنعهما من التفتيش والاستغلال المتفق عليه للغاز في المنطقة موضع الخلاف”، منوهة إلى أنه “رغم فشل مساعي الوساطة الأمريكية واصلت إسرائيل الامتناع عن فتح عطاءات لمنطقة النزاع، وبالمقابل نشرت وزارة الطاقة اللبنانية منذ آذار/ مارس 2013 خريطة المنطقة البحرية الاقتصادية وتقسيما إلى كتل، وباللغة المهنية هذه مناطق تجري فيها العطاءات”


وأضاف أنه “يمكن أن نلاحظ من الخريطة أن الحكومة اللبنانية تجاهلت تماما موقف إسرائيل واقتراح الحل الوسط الأمريكي، وإنه في الكتل الثلاثة 8 و9 و10، ولا سيما في الكتلة الـ9، يوجد تسلل واضح إلى المنطقة التي تطالب بها إسرائيل”، زاعما أنه “بعد سنوات من التأخيرات في إقرار عملية العطاءات في لبنان، استؤنفت العطاءات في 2 شباط/ فبراير 2017”.


ولفت المركز الإسرائيلي إلى أن “إسرائيل اشتكت من نية لبنان منح امتيازات ومن نيته الدفاع عن حقوقه، وأعربت عن الانفتاح للحوار والتعاون مع دول مجاورة ذات صلة بالخط الشمالي للمياه الإقليمية والمنطقة الاقتصادية الحصرية”، موضحا أنه “في 21 كانون الأول/ ديسمبر 2017 توجهت إسرائيل مرة أخرى إلى الأمين العام للأمم المتحدة بشكوى على منح الامتياز في الكتلة 9 لمجمع الشركات”.


وأشار إلى أنه “في 26 كانون الثاني/ ديسمبر 2017 أجاب لبنان في رسالة خاصة به، وبعد رده ردا باتا ادعاءات اسرائيل أعلن أنه لن يتردد في استخدام حقه في الدفاع عن النفس اذا ما وقع هجوم مسلح ضد النشاطات الاقتصادية في منطقتها البحرية”.


وأكد أن كبار جهات الأمن الإسرائيلي ممن تحدثوا في موضوع سوريا ولبنان، بما في ذلك في ندوة مع معهد بحوث الأمن القومي، أن المعركة العسكرية التالية إذا ما وقعت، فإن الثمن سيكون باهظا في الجبهة الداخلية، وأن تبادل التصريحات والحماسة اللفظية العنيفة للحكومة اللبنانية وتجاهلها محاولات إسرائيل حل الخلاف في موضوع الحدود البحرية تبرر تدخلا خارجيا يمنع استمرار التدهور.

عربي21- يحيى عياش

Show More

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button