عجز باسيل وحزب الله.. وقيصر يدفن حلم الرئاسة بالقُصَيْر
لا بد لحكومة الأوهام والشعر الرديء أن تتنحى. حكومة حسان دياب فقدت مبرر وجودها. العنوان الإنقاذي الذي جاءت به الحكومة، سرعان ما تبدد. أرقام الخسائر في أربعة أشهر، بالإضافة إلى التخبط السياسي والصراعات التي تعصف بها، تؤكد أن هذه الحكومة ليست هي التي ستبرم اتفاقاً مع صندوق النقد. سقط مبرر وجودها بسقوط خطتها الاقتصادية. هي مستمرة بقوة الأمر الواقع وانعدام البديل، وانسداد الأفق السياسي. أي حكومة مقبلة ستكون مهمتها منوطة بعقد هذا الاتفاق مع الصندوق. وبيانها الوزاري يُختصر بجملة واحدة تتعلق بالذهاب إلى هذا الاتفاق. محاولات إسقاط الحكومة لم تنجح، لأن حزب الله متمسك بها. هذه النظرة ستتغير في مرحلة لاحقاً حتماً.
فشل صيغة القطبين
كان الحزب يعتبر أنه حتى لو انهار لبنان بكليته سيبقى هو صامداً، ليتبين عكس ذلك. فالانهيار يطال مختلف الشرائح وإلى عمق بيئته. الحزب اليوم متمسك بالحكومة، لأنه لم يتبلور أي خيار بديل، وينتظر بروز معطيات خارجية تتيح تغيير الحكومة. وهناك مواقف أخرى تشير إلى إحتمال تبدل موقف الحزب، تماماً كما عندما أعلن أن حكومة الحريري لن تستقيل، أو عندما رفض التفاوض مع صندوق النقد واللجوء إليه. وفيما بعد حصل العكس. ثمة من يعتبر أن فيلم حكومة حسان دياب هو فيلم رعب بالنسبة إلى لبنان وواقعه السياسي والمالي. بالإضافة إلى الأداء اللبناني السيء والتعيس جداً. ففي الوقت الذي يتفاوض فيه مع صندوق النقد، يعلن اتجاهه شرقاً، ويشن هجوماً على الولايات المتحدة الأميركية! هذا إفلاس سياسي.
لن يكون المتغير مقتصراً على الجانب المالي والاقتصادي، إذ لا يمكن فصل ذلك عن السياسة. المعطيات المتوفرة تفيد بأن تجربة قطبين يستحكمان بلبنان: قطب كبير هو حزب الله، وقطب أصغر هو التيار الوطني الحرّ.. أثبتت فشلها. في المقابل، فإن من بين ما قد يدفع الحزب إلى تغيير توجهاته بشأن الحكومة هو الاحتساب الدائم لديه لاحتمال الوصول إلى صدام كبير مع التيار الوطني الحرّ. فهو يحرص على التفاهم مع ما تبقى من الشارع المسيحي. حكومة دياب والخلافات حولها أصابت هذا التفاهم إصابات بليغة ومباشرة. ناهيك عن العقوبات الأميركية والضغوط على التيار الوطني الحرّ التي قد تتزايد، فيما العلاقة مع التيار هي نقطة مركزية يتمسك بها الحزب ولا يمكن أن يضحي بها.
السياسة الأميركية
سياسة الحزم الأميركية مستمرة لا تراجع فيها. بعض المطلعين، يعتبرون أن الانتخابات الأميركية لن تغيّر من مسار السياسة الأميركية، مهما كانت النتائج. وبالتالي، قانون قيصر سيبقى مستمراً، وكذلك العقوبات على حزب الله. وهناك من يراهن على وصول حزب الله إلى قناعة في هذا الموضوع، لكي يبدأ الحديث السياسي الجدي بعدها. فالرهان على أنه بفوز جو بايدن ستخفّ الضغوط، ثمة من يصفه بأحلام اليقظة. وأكثر من يعرف ذلك هو التيار الوطني الحرّ. وهو الذي لطالما راهن على تفاهم أميركي إيراني يعيد القوة إلى التيار، كالتي أتت بعون لرئاسة الجمهورية. ولكن العاصفة التي يريدها التيار لا تهب مرتين، ومنطق ولايتين رئاسيتين مواليتين لحزب الله لن يتحقق. وهناك من يقول إنها ستدفن في القصَيْر بفعل قانون قيصر.
منير الربيع – المدن