لأنه حكيم يبسط العلاج (بقلم عمر سعيد)
يا حكيم ..
ولأنك تعلم وعميقاً، ان المريض لا يملك الوقت لسماع شروحات المراجع الطبية، ومصطلحاتها المعقدة، تجترح العلاج الذي يوفر عليه الوقت والمال والألم.
ذلك لانك وببساطة تمتلك الرؤيا الواضحة.
تلك التي لا يملكها أولئك الذين يسعون إلى أهدافهم الشخصية بالسير عبر الأزقة والزواريب التي تجنبهم الكشف عن حقيقتهم المرعبة،
فالحارات والزواريب لا تنتج أكثر محاولات سد فراغات، يحدثها خلل أولئك الساعين ألى أمورهم الخاصة ولو على حساب الفقراء والموجوعين، الذين يئنون تحت عجزهم وجوعهم.
حارات يقصدها المقنع بالمواربة والانحرافات المتعمدة خلف ادعاءاته المغطاة ببريق الوعود العرقوبية.
يوزع الأوهام، ينشر الاستغفالات المنهكة، ثم يغادرها إلى حارات أخرى، مخلفاً وراءه الناس في بهتان مما تعرضوا إليه.
ولانك تسكن الوطن ويسكنك حلم الدولة، تمتلك
رؤياك الواضحة، العملية، الممكنة التطبيق ، رؤيا لا تحتاج إلى الفزلكات و الترجمة والتحليل.
فالرؤى الواضحة لا تنبت إلا من طين التصق بأكف القابضين على تراب الوطن لا على ماله.
والرؤى الواضحة لا تنبثق من مياه السدود المنهارة قبل حلول مياه التشرينين، بل تتفجر من ينابيع، تختزن عذابات المتشبثين بضوء الدولة، يبص من عيون الواقفين على نوافذ صبحها المنتظر .
لذا تأتي وصفتك الطبية مقروءة واضحة سهلة بسيطة التكاليف، لأنك تدرك وعميقاً معنى الآه في غرغرات المريض.
ولأنك تؤمن بأن غاية العلاج تمكين المريض من النهوض والسير في دروب الصحة، لا استدراجه إلى مزيد من المراجعات المكلفة قلقاً، توتراً، وانهيارات.
كيف لا وانت شريك صادق لمرضاك، تتحسس مواطن الآخات فيهم، تتبع مكامن رجاءاتهم للخلاص، فيأتي حديثك سلساً، سهلاً، خالياً من التعقيدات والتنظيرات الفهلوية التي يحاولها أصحاب القفزات البهلوانية.
هكذا هم الحكماء الكبار على مر التاريخ، يتجنبون الإنشاء والصرف والنحو، وبلاغة اللغات، فالوقت لا يتسع لكل الشطارات غير المنتجة.
فالحكماء الحكماء لا يصنعون المعجزات، ولا يلجؤون إلى عصا موسى، تلك التي تنقلب افعى تسعى، إذ لا غنم لهم يهشون عليه بها،
بل يذهبون إلى المشكلة بشكل مستقيم، يتناولونها، ويبدأون على حلها وحلها فقط، دون أية توظيفات أو مآرب أخرى.
فرؤاهم واضحة وهي بمقاس الإنسان والوطن والحلول الممكنة، وليس أكثر.
عمر سعيد