اصراراً على متابعة الهدر والسرقة… مجلس الوزراء يصادق على ابقاء التعاقد مع شركة “سوناطراك” لاستيراد الفيول
فيما كان مجلس الوزراء يصادق على ابقاء التعاقد مع شركة “سوناطراك” لاستيراد الفيول قائما حتى اخر السنة الجارية، خوفا من امتناع الشركة عن تزويد لبنان حاجته اثر كتاب منها رأى فيه وزراء “تهديدا مبطّنا” بالانقطاع عن تزويد لبنان بالفيول او تعبير عن نية لديها لرفع دعاوى على لبنان والذهاب الى التحكيم في لندن، خصوصاً انّ الشركة طلبت التحقيق لمعرفة مصدر المخالفة، كانت الشركة المشغلة لمعملي الزوق والجية بشخص مديرها المسؤول المهندس يحيى كمال مولود تتقدم بإخبار امام النائب العام التمييزي موضوعه “اهدار المال العام الناتج من توقيع وتنفيذ عقد استيراد زيت النفط بين الدولة اللبنانية وشركةSonatrach Petroleum Corporation BVI منذ العام 2005”.
ويتضمن الاخبار: في إطار ملف الفيول غير المطابق لمواصفات العقد أو المغشوش، والذي بات قسم ٌمنه بيد القضاء المختص، وفي ضوء التحقيقات والاستجوابات ذات الصلة، ومساهمة منّا في وضع الأمور في نصابها نودّ توضيح ما يأتي:
1-بتاريخ 9/11/2005، وقّعت الدولة اللبنانية ممثلة بوزارة الطاقة والمياه مع شركة Sonatrach Petroleum Corporation BVI اتفاقية “بيع وشراء زيت النفط (“الفيول”) (مصنفة عقد بيع رقمFOI/2005)،
وبعد مراجعة العقد الذي انتشرت صورته في الاعلام، تفاجأ معظم اللبنانيين بمدى الاجرام وسوء النية في تعاطي جميع أركان الدولة بملف يكلف الدولة اللبنانية والمواطن اللبناني عشرات مليارات الدولارات، إذ إن العقد الموقع في ذاته يشكل مهزلة قانونية لا يمكن التغاضي عنها لجهة الشكل والمضمون واجراءاته التنفيذية وحمايته لمصالح الدولة والمواطن.
فلا عجب ان تتوافق وتوافق كل الطبقة السياسية ابتداءً من مجلس الوزراء وصولاً الى الوزراء المتعاقبين على شرط سرية العقد. وبالفعل، اشترطت المادة 17 منه السرية التامة مما يثير الشبهات والريبة حول أسباب موافقة الحكومة اللبنانية على ذلك، خصوصا ان هذه الاتفاقية تهدف الى شراء زيت الفيول ولا تتضمن أسراراً تتعلق بالأمن القومي أو خلافه.
وهذا البند يخالف اتفاقية مكافحة الفساد التي انضم اليها لبنان بموجب القانون الرقم 33 / 2008(…)
ولا يُردّ بأن العقد موقع قبل توقيع لبنان على الاتفاقية المذكورة أعلاه، إذ إن العقد استمر حتى اليوم وتجدّد تلقائياً مما يؤكد سوء نية المسؤولين بالتمسك بالسرية خلافاً للقانون والمعايير الدولية.
2-نصّت المادة الثالثة من العقد المذكور أعلاه على المواصفات المطبّقة على زيت النفط. على أنه في حال لم تتطابق مواصفات زيت النفط المسلّم مع المواصفات المحدّدة في الجدول أعلاه تحت العنوان “مقبول”، يتمّ قبول الشحنة شرط ألا تتخطى النوعية المواصفات المحدّدة تحت العنوان “مرفوض”، أي بمعنى آخر فإن أي شحنة لا تكون نوعيتها ضمن الهامش المسموح به في العقد، يجب أن ترفض.
3-إن المهندس يحيى مولود أحد مقدّمي الإخبار الحاضر يعمل كمدير مسؤول لدى شركة ميدل إيست باور وهو ممثل تحالف شركات OEG/ARKAY Limited/Middle East Power (“المشغل”) ضمن إطار مشروع تشغيل وصيانة لمحطتي توليد الطاقة في الزوق والجية للمحركات العكسية.
4-منذ تاريخ بدء تنفيذ المشروع، عمد المشغل الى اجراء تحاليل عند تسلم كل شحنة من شحنات زيت النفط للتثبت من مدى مطابقته مع المواصفات المفروضة بموجب عقد الصيانة والتشغيل الموقّع ما بين مؤسسة كهرباء لبنان وتحالف الشركات. وقد أجرى التحالف في هذا الإطار أكثر من أربعة وستين فحصاً على الشحنات المسلّمة من الدولة اللبنانية الى المشغل حتى تاريخه. عند مقارنة تلك الفحوص مع المواصفات المشار إليها في العقد الموقّع بين الدولة اللبنانية ممثلة بوزارة الطاقة والمياه وشركةSonatrach Petroleum Corporation BVI، يتبيّن أن عدداً كبيراً من أصل الشحنات الأربع والستين التي تم فحصها في مختبرات عالمية غير مطابقة مع المواصفات المحددة في العقد المنوّه عنه أعلاه، لا بل إنها تتجاوز الهوامش المدرجة تحت خانة “مرفوض”.
وما يجب الإشارة اليه هو أن أي تعديل للمواصفات كما تم تداوله في الاعلام هو مخالفة إضافية للعقد، وأكثر من ذلك، فإنه يبدو كمحاولة لتغطية الغش الواضح، وقد يكون باباً من أبواب الهدر الإضافية.
5-على رغم كون العقد قد منح الدولة اللبنانية الحق برفض شحنات زيت النفط غير المطابقة والتي تعتبر “مرفوضة” بشكل صريح لا لبس فيه وفق أحكام المادة الثالثة من العقد الموقّع بين الدولة اللبنانية ممثلة بوزارة الطاقة والمياه وشركة Sonatrach Petroleum Corporation BVI، إلا أن متولي المسؤولية في هذا الملف قد غضّوا النظر عن قصد وسوء نية وسمحوا بإدخال شحنات غير مطابقة للمواصفات، وقد حرموا الدولة اللبنانية ممارسة حقّها برفض تلك الشحنات، الأمر الذي أدّى الى تكبيد الخزينة خسائر فادحة، فضلاً عن تسببها بمشاكل تشغيلية، وأعطال تقنية وتقصير عمر المعدات وانقطاع في التيار الكهربائي.
6-ان عملية ادخال شحنات زيت النفط غير المطابقة للمواصفات بهدف تسليمها الى المعامل الحرارية اللبنانية، تؤسس سلسلة جرائم جزائية مفصّلة في الباب الثالث من قانون العقوبات اللبناني يرتكبها الموظف في الادارات العامة أو شخص عُيّن أو انتُخب لأداء خدمة عامة تتمثل بصرف النفوذ، الاختلاس واستثمار الوظيفة، اساءة استعمال السلطة والاخلال بواجبات الوظيفة.
7- إن الفحوص التي أجراها المشغل والتي أكدت عدم تطابق مواصفات زيت النفط المستورد مع تلك المشترطة في اتفاقية البيع الأساسية، تثبت وجود عمليات تزوير جنائي لتحاليل وفحوص سابقة أجريت على هذه الشحنات واستعمال هذا المزوّر من السلطات المعنية.
8-علماً أنه يمكن تقنياً التلاعب أو الغش بنوعية الفيول عن طريق خلطه ببعض المواد الكيميائية و/أو الزيت و/أو غيرها، الأمر الذي يؤدي الى إظهار نتائج فحوص مقبولة عند التسلم الا انها مخالفة للحقيقة، وهذا لا يعني أبداً أن الفيول مطابق للمواصفات، الأمر الذي يظهر في ما بعد عند التشغيل ويؤدي الى مشاكل تشغيلية من اعطال في نظام المعالجة و/أو المحركات (الإنتاج) والخ. وهذا ما ظهر جلياً في تقرير مصنع المحركات العكسية بعدما توسع في فحوص العينات التي كانت مطابقة في فحوص التسلم وتبين وجود نفايات كيميائية فيها لاحقاً.
9-إن مرتكبي هذه الجرائم هم القائمون بخدمة عامة (سواء أعضاء الحكومة والوزراء المتعاقبين على وزارة الطاقة والمسؤولين وكل من يظهره التحقيق)، وقد استفادوا من سوء صياغة وتنفيذ العقد الموقع عام 2005 بين الدولة اللبنانية وشركة Sonatrach Petroleum Corporation BVI من خلال تسلم شحنات مغشوشة و/أو غير مطابقة للمواصفات الواردة فيه وحققوا بنتيجته أرباحاً، خلافاً للقانون، وراكموا ثروات هائلة على حساب أموال الشعب اللبناني مخالفين بذلك قانون الاثراء غير المشروع 154/ 1999.
ونطلب رفع السرية المصرفية عن حسابات من يظهر التحقيق اشتراكه في فضيحة استيراد الفيول المغشوش و/أو غير المطابق للمواصفات، سنداً للمادة 13 من قانون الاثراء غير المشروع التي تجيز لقاضي التحقيق تطبيق المادة 7 من قانون سرية المصارف، وصولاً الى معرفة حركة هذه الحسابات وتجريم جميع المتورطين.
النهار