لبنان

لا دعم دولياً مهما حمّلتم اللاجئين والحريرية تبعات الإفلاس

لم يكن اجتماع مجموعة الدعم الدولية، الذي دعا إليه رئيس الجمهورية ميشال عون في بعبدا، ليخرج عن سياق الاجتماعات السابقة، لولا حاجة الرئاسة إلى مناسبة إعلامية للإشارة إلى أن العهد يعمل على معالجة الأزمات، ويبحث عن مساعدات دولية.

اللاجئون وتشويه الحريرية
طلب عون ودياب صراحة مساعدة المجتمع الدولي للتخفيف من حدة الأزمات التي تعصف بلبنان. وحاول المسؤولون اللبنانيون في الاجتماع التركيز على أعباء اللاجئين السوريين، كأنهم مصدر الأزمات. ولم يوفروا نغمة تحميل المسؤوليات للحكومات السابقة. فهاجس العونية السياسية الوحيد في هذه الأزمات التي لم يسبق أن عاشتها البلاد، هو تشويه السنوات العشر للحقبة الحريرية الزاهية (1992- 1998 ثم 2000 -2004) في غيبة ميشال عون عن لبنان.

كأنما رفيق الحريري هو من بدأ حياته السياسية في قصر بعبدا الرئاسي سنة 1988 بحربين استكملتا تدمير لبنان والمجتمع المسيحي فيه تحديداً! وكأنما ميشال عون هو صاحب مشروع إخراج لبنان من حروبه المديدة وإعادة إعماره، ووصله بالعالم والمجتمع الدولي!

وإذا سأل سائل: ماهي العونية اليوم، وما هو مشروعها السياسي؟ فلن يجد جواباً شافياً ومناسباً أكثر من أنها تحميل اللاجئين السوريين ورفيق الحريري مسؤولية تدمير سوريا ولبنان.

طلب المستحيل
أراد عون عقد الاجتماع الدولي في الذكرى السنوية الثانية لانعقاد مؤتمر “سيدر” الذي تعهدت فيه مجموعة الدعم بتقديم 11 مليار دولار لمساعدة لبنان. وهذا ما ذكّر به عون المجتمعين، متجاهلاً عمداً أن مؤتمر “سيدر” طواه الزمنُ، ونكثُ زعماءِ السياسة اللبنانيين وعودَهم بالإصلاح المالي والإداري. وعون من هؤلاء الزعماء، وليس فوقهم كما يحاول إيهام أتباعه.

وتناسى عون أيضاً أن الفرنسيين أبلغوا لبنان بأن لا مساعدات بموجب مؤتمر “سيدر” بسبب فشلهم في تقديم الخطة اللازمة طوال الأزمة الماضية. وهو تناسى ثالثاً أن الأميركيين هم الذين ضغطوا لتجميد مؤتمر “سيدر”، وإجبار الدول الداعمة على عدم تقديم أي مساعدة للبنان، قبل موافقتهم. والشروط الأميركية معروفة.

وما تجاهله المسؤولون اللبنانيون في عملية تعميتهم المتعمدة، هو أن الموقف الدولي، والفرنسي ضمناً، أصبح واضحاً جداً منذ مدة: لا مساعدات للبنان إلا عبر صندوق النقد الدولي. وبالتالي لم يعد لمؤتمر “سيدر” أي وجود.

الضغط مستمر
بعد مطالبة عون ودياب بالمساعدات، جاء جواب المدعوين وسفراء الدول واضحاً جداً: ضرورة تقديم خطّة واضحة المعالم، بالأرقام الدقيقة والتفصيلية للإصلاح، لتقديمها إلى صندوق النقد الدولي. وذلك لأن الكلام لم يعد يجدي ولا التمنيات. ولأن لبنان تأخر كثيراً في تقديم خطته. لذا، قال دياب إن حكومته ستقدّم الخطة الواضحة والمتكاملة في أقرب وقت ممكن.

وسط هذه الأزمات والنقاشات يتجاهل المسؤولون اللبنانيون مقاربة المواقف السياسية، ويلتفون عليها، فيما التصرفات الأميركية وصلت إلى حدّ مباشر لم تبلغه من قبل في لبنان. فالأميركيون ما عادوا يمانعون من القول إنهم يتدخلون في أدق التفاصيل: حرصهم على محمد بعاصيري، وتدخلهم في التعيينات المالية. علماً أن المقصود ليس الشخص في ذاته، بل النهج. وكلام السفيرة الأميركية واضح مع من تلتقيهم: “عينوا من تريدون، ونحن نقرر ما إذا كنا سنتعاون معه أم لا”.

وجهة النظر اللبنانية تعتبر أن الأميركيين يتعاملون على القطعة: كل ملف على حدة، عازفين عن دمجها. ولذلك يحاول رئيس الجمهورية وصهره بيع الأميركيين مواقف، لعلّهم يحصلون على ما يقابلها من مساعدات أميركية، تبدأ بتخفيف الضغوط.

ومما باعاه أخيراً، بموافقة حزب الله ورعايته: إطلاق سراح عامر الفاخوري. الإشارة إلى الاستعداد للتعاون مع صندوق النقد الدولي. تلبية المصالح الأميركية في الإدارة، بعدم إقصاء رياض سلامة ومحمد بعاصيري. وتجميد التعيينات وتأجيلها. لكن هذه المواقف قد لا تفيد شيئاً. فقد يأخذ الأميركيون ما يطلبونه، ويستمرّون في ضغوطهم على النهج السياسي الذي تسلكه الحكومة اللبنانية، وفي الضغوط على حزب الله، حتى إلزام لبنان كله إلى التعاطي وفق الشروط الأميركية مع هذا الحزب، ومع الاستحقاقات الخارجية.

المصدر: منير الربيع – المدن

Show More

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button