محاولة مفضوحة للتهرب من المسؤولية السياسية عن الأزمة الاقتصادية والمالية في لبنان
عاد الحديث عن صفقات ومخططات ومحاصصات “على عينك يا مواطن”، وقد احتدمت أمس المشادات السياسية على أكثر من جبهة وسط ارتفاع ملحوظ في منسوب التشنج بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة حسان دياب، لا سيما بعدما رفض الثاني طلب الأول إعادة اللبنانيين من أفريقيا خلال فترة التعبئة العامة، في وقت عادت السلطة إلى مقاربة الشأن الاقتصادي والمالي من زاوية المناورة نفسها التي أغرقت البلد وقلبت موازينه المالية رأساً على عقب، وجديد هذه المناورات جاء على شكل عملية احتيال موصوفة تمارسها الدولة اللبنانية تجاه الخارج للتهرب من الخطوات الإصلاحية المطلوبة منها، عبر تفصيل “إصلاحات” على قياس التركيبة الحاكمة تقيها شرّ افتضاح فسادها وإفسادها، وتغطي على ما ارتكبته من هدر ونهب واقتناص أموال ووظائف عامة على حساب الخزينة. إذ رصدت أوساط دبلوماسية معالم خطة تقوم السلطة بتسويق خطواتها تباعاً، وتهدف من ورائها إلى الالتفاف على دفتر شروط صندوق النقد الدولي لمساعدة لبنان، قائلةً لـ”نداء الوطن”: “ما نشهده منذ مدة هو بدعة جديدة أشبه بـ”IMF لبناني” تهدف إلى قطع الطريق على إصلاحات صندوق النقد، من خلال اقتباس “خطوات ملبننة” تحاكي ما يطلبه الصندوق والمجتمع الدولي لكن بإدارة ذاتية لبنانية، بدءاً من مسألة قوننة الكابيتال كونترول وصولاً بالأمس إلى طلب التدقيق المالي بحسابات مصرف لبنان”.
وإذ تبدو هذه الخطوات في ظاهرها متقدمة على طريق الإصلاح النقدي والمالي، غير أنّ الأوساط الديبلوماسية لفتت الانتباه إلى كونها في الجوهر “محاولة مفضوحة للتهرب من المسؤولية السياسية عن الأزمة الاقتصادية والمالية في لبنان، ورمي كرة النار على المصرف المركزي والقطاع المصرفي أمام الرأي العام”، وتستطرد الأوساط بالسؤال: “هل تستطيع سلطة سياسية يتهمها شعبها بالفساد أن تدقق هي نفسها بهذا الفساد؟”، وتضيف: “المسألة هي مسألة مصداقية وشفافية وثقة وهذا ما يتمتع به صندوق النقد الدولي وتفتقر إليه السلطة اللبنانية”.