دفاع وأمن

عودة قاعدة روزفلت-رودز: إعادة تموضع استراتيجي للولايات المتحدة في الكاريبي باتجاه شمال فنزويلا

بقلم تادي عواد

تشير تحرّكات أمريكية في بورتو ريكو إلى عودة الاهتمام العسكري بمنطقة الكاريبي بعد عقدين من الانكفاء، إذ بدأت القوات الأمريكية بإعادة تأهيل قاعدة روزفلت-رودز في بلدية سيبا شرقي الجزيرة، تمهيدًا لاستخدامها كنقطة ارتكاز لعمليات بحرية وجوية قريبة من الساحل الشمالي لفنزويلا. وتندرج الخطوة ضمن إعادة انتشار أوسع لمواجهة النفوذ الروسي والصيني المتنامي في أمريكا اللاتينية.

خلفية تاريخية

تأسست القاعدة عام 1943 وسُمّيت على اسم الرئيس فرانكلين روزفلت، واستخدمت منذ خمسينيات القرن الماضي مقرًا رئيسيًا لعمليات البحرية الأمريكية في الكاريبي ومركزًا للاستخبارات ضد كوبا خلال الحرب الباردة. أُغلقت رسميًا عام 2004 وتحولت جزئيًا إلى مطار مدني، مع بقاء أقسام محدودة للاستخدام الفدرالي.

إعادة الإحياء والتحديث

منذ منتصف عام 2025 بدأت صور الأقمار الصناعية تكشف عن أعمال واسعة لتأهيل المدارج والبنى التحتية، وتسجيل هبوط طائرات F-35 ومروحيات V-22، في مؤشر على اختبار جاهزية القاعدة لاستقبال طائرات الجيل الخامس.
بحسب رويترز (أكتوبر 2025)، شملت أعمال التأهيل إعادة تمهيد المدارج، تركيب أنظمة مراقبة حديثة، وتأمين مرافق القيادة والسيطرة (C2)، بإشراف القيادة الجنوبية الأمريكية (USSOUTHCOM).

الأهمية الاستراتيجية

تتميز روزفلت-رودز بموقعها الحيوي، إذ تبعد نحو 1,300 كم فقط عن فنزويلا، وأقل من 1,000 كم عن قناة بنما، ما يمنح واشنطن قدرة على مراقبة خطوط الملاحة الحيوية والتحرك السريع دون الحاجة لاتفاقات مع دول أجنبية.
تاريخيًا، كانت القاعدة منصة انطلاق لعمليات كبرى مثل التدخل في هايتي عام 1994.

القدرات التشغيلية

القاعدة بعد التحديث يُتوقع أن تدعم:
عمليات جوية متعددة المهام تشمل تشغيل مقاتلات F-35 وطائرات النقل C-130 وC-17 والطائرات المسيّرة MQ-9.
عمليات بحرية–جوية مشتركة بفضل قربها من البحر.
مهام استخباراتية واستطلاعية (ISR) عبر رادارات ومحطات اتصالات متقدمة.
عمليات لوجستية وإنسانية في حال الكوارث الطبيعية.

الدوافع الاستراتيجية

تعكس إعادة التفعيل رغبة واشنطن في:
مراقبة النفوذ الروسي والإيراني المتزايد في فنزويلا.
حماية خطوط الطاقة والملاحة في الكاريبي.
التحضير لعمليات غير قتالية مثل الإجلاء أو التدريب المشترك.

التحديات القائمة

تواجه واشنطن عدة عقبات، أبرزها:
تهالك البنى التحتية والحاجة لتحديث شامل.
اعتراضات محلية على إعادة الاستخدام العسكري لمناطق مدنية.
حساسيات دبلوماسية مع دول متحالفة مع كاراكاس.
ضغوط مالية بسبب أولوية المحيطين الهندي والهادئ في الاستراتيجية الأمريكية.

تموضع أمريكي أوسع

يتزامن تحرك روزفلت-رودز مع نشاطات موازية في قواعد سوتو كانو (هندوراس) وبالانكويرو (كولومبيا)، إضافة إلى تعزيز الوجود البحري في كوراساو وأروبا، ضمن نهج «التموضع الشبكي» الذي يهدف لتأمين مرونة انتشار وردع في النصف الغربي من الكرة الأرضية.

الرسائل العسكرية والخلاصة

لا تمثّل إعادة تفعيل القاعدة استعدادًا لهجوم مباشر، بل تعزيزًا للجاهزية والقدرة على الاستجابة السريعة قرب فنزويلا. وجود طائرات F-35 يشير إلى اختبار تكتيكات جديدة في بيئات بحرية استوائية.
بصورة إجمالية، تُعد روزفلت-رودز خطوة محسوبة في استراتيجية واشنطن لاستعادة حرية الحركة في الكاريبي وأمريكا الجنوبية، واستثمارًا في بنية لوجستية قد تتحول لاحقًا إلى مركز انتشار دائم إذا تصاعد التوتر مع فنزويلا أو تعمّق التحالف الروسي-الإيراني هناك.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى