دفاع وأمن

لماذا يستحيل على الحوثيين استهداف الإمارات من اليمن؟

لا يمتلك ‎الحوثيون ولا الإيرانيون طائرات مسيرة كبيرة تملك القدرة على اجتياز المسافة الفاصلة بين ‎اليمن و‎الإمارات للقيام بهذا الهجوم. فالمسافة الفاصلة بين منطقة تواجد المليشيات الحوثية في اليمن إلى أبوظبي تبلغ حوالي 1200 كلم. لذلك من المرجح أن الهجوم جاء من جانب البحر. من جهة الغرب والشمال الغربي مثلما حدث يوم إستهداف منشآت (أرامكو) السعودية وليس من المنطقة التي يسيطر عليها الحوثيون.

لا يمتلك الحوثيون ولا الإيرانيون اقمارا صناعية لتوجيه الطائرات بدون طيار لمسافات طويلة بل تستخدم المحطات الأرضية التي لا يمكنها تجاوز مسافة 800 كلم بسبب التضاريس الأرضية والمعوقات الاخرى

ومثلا على ذلك تستطيع الطائرة بدون طيار الأمريكية بريداتور العمل في دائرة نصف قطرها 400 ميل بحري (740 كلم) من محطة التحكم الأرضية. بحيث تنقل الأوامر عن طريق حزمة بيانات باستخدام النطاق C-Band وعندما تكون العمليات خارج نطاق النطاق المحطة التحكم الأرضية يتم استخدام القمر الصناعي باستخدام النطاق Ku-Band لنقل البيانات و المعلومات بين القمر الصناعي والطائرة.

لماذا يستحيل على الحوثيين استهداف الإمارات من اليمن؟

يناقش هذا البحث، بالأدلة العلمية، التقييم الحقيقي للقدرات الإيرانية في مجال صناعة الطائرات المسيَّرة ومراحل تطور المشروع (من تلاش حتى فطرس)

عائلة تلاش:

تلاش 1 أول طائرة مسيَّرة إيرانية يتم تصنيعها ضمن هذا المشروع في مصانع القدس، حيث كانت طائرة تدريبية تستعمل كهدف لسلاح قوات الدفاع الجوي في تدريباتهم.

وتطير (تلاش 1) بسرعة 120 كم في الساعة، وتصل إلى مدى 5 كم، وارتفاع 2700 متر. بعد ذلك تم تطوير نسخة محسنة من تلاش 1، باسم تلاش 2..

عائلة مهاجر:

في بداية الثمانينيات، عام 1984 تم البدء بصنع طائرات (مهاجر 1)، التي تم تجهيزها بكاميرا مائلة للأسفل ومثبتة في مقدمتها، وتستطيع التحليق إلى مدى يصل إلى 30 كم، وهذا يعني أن مهاجر 1 كانت قادرة على استطلاع الخطوط الأمامية للقوات العراقية، وكان يتم التحكم فيها بواسطة جهاز اتصال لاسلكي ضعيف (بقدرة أقل من 100 ميغا هرتز)، ويمكن التشويش عليه بكل سهولة.

مهاجر 2 كانت العنصر الثاني في عائلة الطائرات المسيَّرة مهاجر، وتم تطويرها في بداية التسعينيات، إذ أُجريت تعديلات على الشكل وتطويرات لتقنياتها، مثل إدخال نظام الملاحة GPS ونظام بث مباشر. وتتمتع (مهاجر 2) بمدى 50 كم، وسرعة تصل إلى 210 كم في الساعة، وقدرة على التحليق حتى ساعة ونصف، بارتفاع 3300 متر، وتعمل بمحرك مكبسي بريطاني الصنع يدعى WAE-342 .

في عام 2011، كشفت إيران عن نسخة انتحارية من المسيَّرة مهاجر 2، وهي رعد 85، التي تبحث عن الهدف في أثناء تحليقها بالتنسيق مع المحطة، لتتجه نحو الهدف بسرعة 450 كم في الساعة، وبنسبة خطأ لا تتجاوز خمسة أمتار. العنصر الثالث من عائلة مهاجر، هو مهاجر 3 التي كشف عنها عام 1999، وصنعت لتحلق مدة أطول ومسافات أبعد من مهاجر2.

بلغ مدى (مهاجر 3) 100 كم، مع قدرة على البقاء ساعتين في الجو، وسرعة تحليق 180 كم في الساعة، لكن مهاجر 3 لم تُشاهد داخل الخدمة فيما بعد، وهذا يدل على فشل عملية تطويرها وتزامن ظهورها مع فترة تطوير مهاجر 4 التي تمتعت بمدى يصل إلى 150 كم، مع قدرة على البقاء في الجو مدة 5 ساعات، وارتفاع يصل إلى 4500 متر، وسرعة تحليق 180 كم في الساعة. وتم تزويد بعض نسخ طائرات مهاجر 4 بمحرك مكبسي ألماني الصنع يدعى ليمباخ 550، والبعض الآخر زُود بمحركات مكبسية نوع AR-741 كلا المحركين ادعت إيران أنها استطاعت استنساخهما وصناعتهما محليًا، الأمر الذي ما زال موضع شك كبير، بالنسبة إلى العديد من الخبراء. وعلى الرغم من أن جميع عائلة مهاجر، من 1 حتى 4، قد صممت لأغراض تجسسية، كتصوير مواقع العدو، أكثر من كونها مسيَّرة هجومية، فإن جميعها لا تملك حتى الآن قدرة العمل ليلًا، لكونها غير مزودة بكاميرات حرارية أو كاميرات تعمل بالأشعة تحت الحمراء. والعنصر الأخير والأحدث، في عائلة مهاجر، هو مهاجر 6 (لم تُصنع نسخة باسم مهاجر 5) التي كشف عنها عام 2017.

تتميز مهاجر6 المستنسخة في الأساس من المسيَّرة (فالكو) الإيطالية التي يمتلكها الجيشان الباكستاني والسعودي، عن باقي أسرتها، بوزن أكبر، وإمكانية للبقاء في الجو مدة 12 ساعة متواصلة، وسرعة 200 كم في الساعة، ومدى يصل إلى 200 كم، وارتفاع يصل إلى 5500 متر.

مهاجر 6 يمكنها حمل 40 كغ من الأسلحة، فضلًا على حمولة الكاميرات، وكما ذكرت المواقع الإيرانية، يمكن تسليحها بصاروخين من نوع قائم الموجه ذي المدى 6 كم، وهي النسخة الوحيدة ضمن عائلة مهاجر التي يمكنها العمل ليلًا.

عائلة أبابيل (المسيَّرة الانتحارية):

في الوقت الذي كانت تعمل فيه إيران على تطوير مهاجر 1، كان الإيرانيون يطورون مسيَّرات أبابيل في مصانع (هسا) التي أنتجت أبابيل 1 في عام 1986. ولضرورة استخدامها خلال الحرب مع العراق، صُنعت بشكل لا يتلاءم مع معايير الجودة المطلوبة، فكانت صالحة للاستخدام مرة واحدة، ومجهزة لحمل 40 كغ من المواد المتفجرة. كان تصميم أبابيل 1 بالأساس مستوحًى من الطائرات المسيَّرة البريطانية نوع (ميغيت بانشي)، وصنعت بدايةً بهدف القيام بعمليات انتحارية ضد القوات العراقية.

أبابيل 2 هي الجيل الثاني من عائلة أبابيل، التي صنعت في عام 1992 لأهداف عدة، منها الأهداف الانتحارية والاستطلاعية والأهداف الجوية، وعرضت لأول مرة في عام 1999 في معرض IDEX في الإمارات العربية المتحدة، حيث عُرضت منها نسختان فقط (مدنية واستطلاعية). لم تزود أبابيل 2 إلا بمحركات مكبسية بريطانية الصنع، من نوع  WAE – 342 المستخدمة ذاتها في عائلة مهاجر كما ذكرنا سابقًا.

يمكن لأبابيل 2 بثّ ما تصوره وإرساله إلى محطة التحكم مباشرة، لكن برنامج التحكم الخاص بها هو برنامج رديء محلي الصنع يدعى “شهيد النوروز”، كما أن النسخ الاستطلاعية من أبابيل 2 هي نسخ انتحارية أيضًا، كما يؤكد موقع مشرق نيوز الحكومي، علمًا أن أبابيل 2 يمكنها حمل وزن يصل إلى 40 كغ. أما عن مواصفات أبابيل 2، فسرعتها 250 كم في الساعة، مع قدرة على البقاء في الجو مدة ساعة ونصف تقريبًا، وبمدى 120 كم، مع ارتفاع يصل إلى 3500 متر.

فيما بعد تم تطوير نسخة جديدة سميت (أبابيل ت) التي تميزت عن النسخ الأخرى بجسم مصنوع من مواد أخف وأمتن، ومنحها ذلك مدى وسرعة أكبر. وقد تم تزويد “حزب الله” اللبناني والمتمردين الحوثيين، بنسخ استطلاعية وانتحارية من أبابيل 2، حيث تعرف باسم مرصاد 1، عند “حزب الله”، وباسم قاصف 1 وقاصف 2 عند الحوثيين.

النسخة الأحدث من عائلة أبابيل هي أبابيل 3، كما تشير التسمية، ولكن حقيقة الأمر أن أبابيل 3 هي طائرة مسيَّرة مستنسخة من الطائرة الجنوب أفريقية SEEKER- 2D، التي حصلت إيران على بعض نسخها عام 2005 – 2006، وبدأت إنتاجها باستخدام الهندسة العكسية.

امتازت أبابيل 3 التي لا تنتمي إلى عائلة أبابيل إلا بالاسم، بقدرة استطلاعية جيدة، ولكنها بقيت تعمل بمحرك مكبسي ألماني من نوع ليمباخ 550 بقوة 50 حصانًا بخاريًا. أما عن مواصفات أبابيل 3، فسرعة تحليقها 200 كم في الساعة، مع مدى يصل إلى 100 كم، وسقف ارتفاع يصل إلى 5000 متر، مع قدرة على التحليق لمدة 4 ساعات متواصلة. وقد تم تسليح أبابيل 3 بصاروخين نوع قائم الموجودين في مهاجر 6. بقيت المسيَّرة أبابيل تقليدية وغير عملية، بسبب عدم قدرة إيران على تزويدها بالمحركات الهوائية المتطورة (توربو فان وتوربو جيت).

ولذلك سعت الشركات الوهمية التابعة لإيران لشراء محركات “ليمباخ 550” (محركات 4 سلندر باستطاعة 50 حصانًا) من الشركة المصنعة في ألمانيا، وإرسالها إلى إيران، وذلك وفقًا لبعض الوثائق التي نشرتها ويكيليكس.

وتأكيدًا لذلك، حاكمت محكمة ولاية فرانكفورت في ألمانيا، في نيسان/ أبريل 2014، اثنين من الإيرانيين، لبيعهم عددًا من المحركات المذكورة أعلاه والمستخدمة في الطائرة المسيَّرة أبابيل 3. وتؤكد دراسة لحطام إحدى الطائرات من نوع أبابيل 3، التي سقطت في سورية، في شباط/ فبراير 2018، أنها كانت بمحركات مكبسية ألمانية.

الطائرة المسيَّرة كرار (المسيَّرة المقاتلة):

بغض النظر عمّا لدى إيران من ضعف في مجال تصنيع وإعداد المحركات الخاصة بالطائرات المسيَّرة، يُعدّ عرض المقاتلة كرار في تموز/ يوليو عام 2010 علامة فارقة في أنشطة إيران في تصنيع الطائرات المسيَّرة.

وكما يقول الإيرانيون، فإن طائرة كرار هي أول طائرة مسيَّرة من إنتاج مصانع (هسا) الإيرانية تعمل بمحرك نفاث، ولكن حقيقة الأمر، بعد البحث والتدقيق في الشكل والتصميم الخارجي للمسيَّرة كرار، تشير إلى أن أغلب تفاصيلها اشتقت من الهدف الجوي الأميركيMQM-107  (الهدف الجوي هو طائرة مسيَّرة تستخدم كأهداف جوية تدريبية لمضادات قوات الدفاع الجوي)، وخاصة أن إيران تمتلك هذا الهدف الأميركي منذ عهد الشاه.

في بداية الأمر، كانت تستعمل كرار كهدف جوي تدريبي، وتم تطويرها فيما بعد للقيام بأدوار أخرى، منها الدوران الاستطلاعي والهجومي، وهناك معلومات غير مؤكدة حول استخدام كرار للقيام بأدوار انتحارية، أو استخدامها كصاروخ كروز.

وعلى الرغم من أن شركة صناعة الطائرات الإيرانية (هسا) قد أعلنت في عام 2012 أنها قادرة على صناعة المحركات النفاثة (التيربو فان المروحي) للطائرات بدون طيار متوسطة وبعيدة المدى المستخدمة في مسيَّرة كرار، وتأكيد وزير الدفاع الإيراني في العام 2013 استخدام هذا النوع من المحركات النفاثة بدلًا من المحركات المكبسية في الطائرات الإيرانية المسيَّرة، فإن الدراسات وعمليات البحث والتقصي تشير إلى أن مسيَّرات كرار قد زودت بمحركات نفاثة من نوع طلوع 4 المستنسخة أساسًا من المحركات الفرنسية نوع 60 TRI

ظهرت كرار، عند عرضها لأول مرة عام 2010، مسلحة بقنبلة نوع MK- 82 غير الموجهة، التي تزن 227 كغ، وبعد مدة قصيرة ظهرت مسلحة بصواريخ (كوثر) الموجهة والمضادة للسفن، التي يصل مداها حتى 25 كم. وفي عام 2019، ظهرت كرار مسلحة بقنبلة نوع (ياسين) ونوع بالابان (قنابل موجهة ذات مدى 50 و60 كم على الترتيب).

ونظرًا للأنواع المتعددة من الأسلحة التي زودت بها كرار، يبدو أن الدور القتالي والهجومي هو الدور الأساسي الذي صُنعت من أجله هذه المسيَّرة، إضافة إلى أن تحويل كرار إلى مسيَّرة انتحارية سيجعلها شبيهة بصاروخ كروز الذي تحدث الإيرانيون عن نجاحهم في إنتاج أربعة أنواع منه: (سومار، هويزة، يا علي، قدس 1).

شاهد 129:

في أيلول/ سبتمبر من عام 2013، صرّح محمد علي جعفري، قائد الحرس الثوري، متحدثًا حول الطائرة المسيَّرة شاهد 129، وقال إنها تشبه، من حيث الشكل الخارجي، الطائرة هرمس 450 بدون طيار الإسرائيلية، مع فروق بسيطة.

وبحسب تقرير وكالة أنباء فارس، فإن هذه الطائرة يمكنها التحليق لمدة 24 ساعة، وعلى ارتفاع 24 ألف قدم. ووفقًا لتقارير وسائل الإعلام الإيرانية، فقد زودت شاهد 129 بمحرك مكبسي نمساوي الأصل نوع روتاكس 914.

في بدايات عام 2014، أظهر أحد مقاطع الفيديو لجماعة “عصائب أهل الحق”، وهي جماعة مدعومة من قبل النظام الإيراني في العراق، عملية قصف بالصواريخ لبعض أوكار (داعش)، باستخدام طائرات شاهد 129، لكن الدراسات المنجزة كشفت أن الفيديو المذكور مفبرك تمامًا، ومن المستبعد أن تكون هذه الجماعة المقربة من إيران قد قامت بنشر هذا التقرير المصور دون إذن مسبق من قبل الحرس الثوري أو فيلق القدس الإيراني.

فطرس:

تسمى أحدث طائرة إيرانية مقاتلة مسيَّرة (فطرس)، وتم عرضها في أواخر تشرين الثاني/ نوفمبر 2014، وهي تُعدّ أحد أكبر النماذج المماثلة التي صنعت في إيران، وبحسب تقرير وسائل الإعلام الإيرانية، تحلق فطرس بعلو يصل إلى 25000 قدم، وتستطيع التحليق من 16 إلى 30 ساعة، إضافة إلى قيامها بمهمة الاستطلاع والمراقبة، وحملها صواريخ جو-أرض، وأنواعًا أخرى من الصواريخ، إضافة إلى مهامها القتالية.

من الناحية النظرية، يُعتقد أن طائرة فطرس -عند النظر إلى تفاصيل وقوة التقارير المنشورة حولها- مماثلة تمامًا للطائرات الأميركية بدون طيار التي استخدمها الجيش الأميركي خلال الأعوام الأخيرة، في حربه ضد طالبان والقاعدة في أفغانستان وباكستان واليمن والصومال، لكن مسألة قيام طائرة (فطرس) على أرض الواقع بكل هذه المهام، وبهذه الإمكانات، مشكوكٌ فيها تمامًا.

نقاط الضعف:

أولًا: أن أغلب الطائرات المسيَّرة الإيرانية هي طائرات مسيَّرة قصيرة ومتوسطة المدى

ثانيًا: لا توجد صناعة طائرات مسيَّرة إيرانية محلية بحتة، فأغلب الطائرات الإيرانية المسيَّرة مستنسخة من طائرات مسيَّرة مصنوعة خارج إيران، كما رأينا في أبابيل، من 1 حتى 3، وكرار وشاهد 129 وفطرس. جميعها ادعت إيران إنتاجها محليًا، لكن حقيقة الأمر تدل على أنها مسيَّرات صُنعت أو جمعت باستخدام محركات وإلكترونيات اجنبية .

الخلاصة

أغلب المسيَّرات الإيرانية تعمل بمحركات مكبسية ضعيفة (ألمانية أو بريطانية أو نمساوية) تم استيرادها من الخارج، وادعت إيران تصنيعها محليًا، فإيران اليوم لا تستطيع الحصول على المحركات الخفيفة الضرورية لإنتاج الطائرات المسيَّرة الكبيرة، وخاصة بعيدة المدى
ولكل تلك الأسباب جميع المسيَّرات الإيرانية، ذات سرعات بطيئة ومديات قصيرة ومتوسطة.

تادي عواد

Show More

Related Articles

Back to top button