لماذا يصر حزب الله على تولي وزارة الصحة؟… ابحث عن سوق الدواء
يرجّح بعض المراقبين عن إمكانية دخول إيران الى سوق الدواء اللبناني في ظلّ الحديث عن تسلّم حزب الله وزارة الصحة في الحكومة الجديدة. وقد بدأت التحضيرات العملية عبر دعوة وزارة الصحة الإيرانية عدداً من الإعلاميين اللبنانيين للقيام بجولة ميدانية على مصانع الأدوية في طهران
ويؤكّد المسؤولون الإيرانيون أنّهم تواصلوا مرات عدة مع الجانب اللبناني وعرضوا بيع الدواء في الاسواق اللبنانية وباسعار منافسة، إلّا أنهم لم يلقوا تجاوبا.
يقدر سوق الدواء في لبنان بنحو 1,4 مليار دولار سنوياً، بحسب تقديرات مؤشر BMI العالمي حول الأدوية والرعاية الصحية (business monitor international). والرقم مرشّح للارتفاع إلى نحو 2,21 مليار دولار عام 2021 . وهي اسواق واعدة بالنسبة للمنتجات الايرانية والتي تعاني اصلا من الحصار الامريكي والعالمي عليها
المشكلة في الدواء الايراني هو عدم صلاحيته للاستهلاك البشري. ففي العراق مثلا اعلن رئيس اللجنة الصحية في مجلس محافظة الديوانية العراقية باسم كبان الكرعاوي عن وفاه 3 مواطنين عراقيين في مستشفى الأمراض العصبية، إثر تناولهم أدوية إيرانية الصنع. وكانت وكالة يقين للانباء العراقية كتبت مقالا بعنوان : “أدوية إيرانية تضاعف معاناة المرضى في العراق”
وذكر المقال الذي نشر بتاريخ 16 ديسمبر 2017 :
تعاني عوائل ثلاثة متوفين في جنوب العراق -وهم أحدث ضحايا الأدوية الإيرانية- من محاولات لتزوير الوقائع، وتغيير أسباب الوفاة من قبل مسؤولين متنفذين، يحاولون المحافظة على سمعة الأدوية الإيرانية المتدهورة أصلًا في عموم العراق، وبما فيه إقليم كردستان، فيما يؤكد مختص باستيراد الأدوية، أن تدخلات حزبية تساهم في إضافة أعداد جديدة من الشركات الإيرانية المصدرة للدواء ضمن الجدول المعتمد من قبل وزارة الصحة، بالرغم من رداءتها وعدم منافستها لمثيلاتها العالمية.
دواء إيراني رخيص ومميت
لفت المصدر أن عوائل المتوفين الذين كانوا ينتظرون من الحكومة أن تحقق وتطالب بحقوقهم وتعويضهم من الشركة المتضررة، ومثلما هو متعارف عليه في كل دول العالم؛ فوجئوا بسيل من الانتقادات والاتهامات وصلت حد تكذيبهم من قبل وزارة الصحة، التي وصفت مأساتهم بأنها “معلومات عارية عن الصحة” ، مضيفًا بأن هذه التصرفات شجعت حتى السفير الإيراني الذي تحرك لمنع توسع دائرة الشكاوى من أدويتهم، وأكد “أن هذا الموضوع لا أساس له من الصحة” من دون أي تحقيق أو حتى استفسار من ذوي الضحايا.
وكان رئيس لجنة الصحة في محافظة القادسية (باسم كبان الكرعاوي) قد أكد في بيان صحفي تسجيلهم ثلاث وفيات وإصابات أخرى جراء استخدام دواء إيراني المنشأ ، مبينًا أن الدواء سجل فشلًا في التجارب المختبرية، ويشكل خطرًا كبيرًا على حياة المواطن، محملًا وزارة الصحة المسؤولية القانونية عما جرى لكونها معنية بشكل مباشر فيما يتعلق بحياة المواطنين وتأمين المستلزمات العلاجية لهم.
سمعة سيئة للأدوية الإيرانية
ومع أن سمعة الأدوية الإيرانية تأتي في ذيل قائمة اختيارات المواطن العراقي إلا أن الصيدلاني (براء الحسان) يبين أن سعرها الرخيص هو الذي يغري المرضى، وخصوصًا الفقراء منهم على شرائها الذي يكون محفوفًا بمخاطر عديدة، منها عدم كفاءة الدواء، وتفاقم الحالة المرضية، أو أن يكون الدواء أصلًا منتهي الصلاحية، وتم تهريبه إلى العراق لتصريفه في السوق الدوائي الذي يعاني الفوضى.
ويبين الصيدلاني الحسان لــ”وكالة يقين”: إن مشكلة أغلب الأدوية الإيرانية أنها تكون مفتقرة إلى المركبات الكاملة من المادة الفعالة، والتي تعد الأغلى في تركيب الدواء، وبالتالي فإنها تكون رخيصة لأن فعاليتها محدودة أو منعدمة ، مستشهدًا بعقار الامبيرازول الذي يستخدم في أمراض الجهاز الهضمي، وتباع العلبة ذات الــ28 حبة من منشأ انكليزي بــ20 ألف دينار، في حين نجد ذات العقار الدوائي وبعلبة من 100 حبة يباع بخمسة آلاف دينار، ولكنها من منشأ إيراني.
وينفي الحسان وجود شيء اسمه أدوية الفقراء، أو أن تكون هناك شركات تقوم بتصنيع أدوية خاصة بذوي الدخل المحدود؛ لأن الشركات تتعامل بمبدأ المنافسة فيما بينها، وممكن أن تخفض الأسعار بحدود هامشية وبسيطة، ولكن أن يباع العقار الدوائي المنتج في الدولة بربع سعر مثيلة المنتج في الدولة، فهذا مؤشر على تلاعب واضح في التركيبة الفعالة للدواء.
ومن ضمن 5 صيدليات زارها معد التحقيق في مناطق متفرقة من بغداد وأربيل؛ فإن واحدة فقط كانت تبيع أدوية إيرانية، وبأنواع محدودة جدًا، بينما أوضح صاحبها أنها مهداة إليه مجانًا من وكلاء ومندوبين لشركات أدوية إيرانية، لافتًا إلى أن قلة أو انعدام الطلب على أدوية المنشأ الإيراني تدفع زملاء المهنة إلى عدم العمل بها.