حكومة لبنان الجديدة شُكّلت لكي تفشل
حسين إيبش – Bloomberg – ترجمة صوفي شماس
23 كانون الثاني، 2020
حزب الله، الداعم الرئيسي لرئيس الوزراء حسان دياب، لا يريده أن ينجح.
بعد أكثر من ثلاثة أشهر من الجدل السياسي، وعلى خلفية الاحتجاجات الضخمة في الشوارع، أصبح للبنان أخيرا حكومة جديدة. لكن من غير المرجح أن تنجح الحكومة التي شكّلها رئيس الوزراء حسان دياب، المؤلفة بغالبيتها من حلفاء حزب الله.
في الواقع، ربما تمّ تشكيلها لكي يفشّلها مؤيدوها.
لا يمكن لحزب الله أن يكون مرتاحا لترتيبٍ يضعه – إلى جانب حلفائه الموارنة في التيّار الوطني الحرّ – في مقدمة ووسط الحكومة الجديدة. كانت المجموعة المدعومة من إيران تفضل تاريخيا – الأمر الذي تمّ اختباره على مدار الزمن – أن يكون ترتيبها في السلطة من دون مسؤولية: كان خصومها يديرون الحكومة اسميا، لكنهم يسمحون لحزب الله بالحفاظ على ميليشياته المستقلة وممارسة إرادته في جميع القضايا التي كان يعتبرها حاسمة.
في التشكيلة الجديدة، يجد حزب الله نفسه، بشكل غير مألوف، في موقع المسؤولية. هذا يعني أنه يخاطر بأن يتلقى مباشرة عواقب الخلل الذي يصيب السلطة، الأمر الذي لا يمكنه فعل الكثير لإصلاحه.
حتى أكثر الحكومات مصداقية وكفاءة، والتي تحظى بدعم شعبي كامل، ستتعرض لضغوطات شديدة للتعامل مع الأزمات المتعددة في لبنان، خاصة مع التخلّف عن سداد ديون السندات. لقد انهارت قيمة الليرة اللبنانية واضطرت المصارف إلى تقييد قدرة أصحاب الحسابات العادية على سحب أموالهم، لا سيما بالدولار الأمريكي. أما الخدمات الأساسية فهي تحتضر، إذ أصبح التزويد بالتيار الكهربائي متقطعا، وهناك بوادر أزمة في قطاع الاتصالات، بما في ذلك انقطاع الإنترنت.
وُلدت حكومة دياب تحت نجم سيّئ – بل في الواقع العديد من النجوم السيئة. قوبل ترشيحه بمعارضة شديدة من المحتجّين، وقد ازدادت هذه المعارضة حدّة منذ الإعلان عن تشكيل الحكومة التي تضم 20 وزيرا، إلى جانب أنها منحازة سياسيا: فبدلا من المزيج التقليدي للأطراف المؤيدة لحزب الله والأطراف المعارضة له، يتّكل دياب على جانب واحد فقط من المعادلة اللبنانية.
الأسوأ من ذلك هو أن تشكيل الحكومة لقي قبولا من شخصيات سياسية لا مصداقية لها ومرتبطة ارتباطا وثيقا بنظام بشار الأسد في سوريا، بما في ذلك جميل السيد، الذي طُرد من الساحة السياسية بعد اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري. إن لم يكن النفوذ الإيراني المتنامي في بيروت سيئا بدرجة كافية، فسيكون الكثير من اللبنانيين أكثر انزعاجًا واستياءًا من عودة النفوذ السوري إلى سياسات بلادهم.
من المؤكد أن يشعل هذا الواقع المتظاهرين الذين يطالبون منذ أشهر بإجراء إصلاحات جذرية ويدينون النخبة الاجتماعية والسياسية بأكملها في البلاد. فقد كان أحد مطالبهم الواضحة القليلة هو وجود حكومة تكنوقراط من الخبراء وليس أصدقاء لسياسيين. يدّعي دياب أنه جمع “فرقة الإنقاذ” هذه تماما، لكن في الواقع، تتكون أغلبية حكومته من عملاء سياسيين أو وكلائهم، وبالتالي، حتى عدد النساء الكبير في الحقائب البارزة لن يشتري له مصداقية كبيرة في الشارع.
لا يمكن أن يتوقع دياب مساعدة أجنبية كبيرة لإنقاذ لبنان من مشاكله المالية. ستكون الولايات المتحدة وأوروبا حذرتين للغاية في تقديم المساعدات لحكومة مؤيدة لحزب الله. يقول دياب إنه سيتوجّه إلى دول الخليج العربية قريبا، لكن لن تكون تلك الدول أيضا مرتاحة للتعامل مع ميليشيا موالية لإيران تتولى الأمور في بيروت.
لا يمكن لحزب الله وحلفائه أن يغفلوا عن أي من هذا: لا بدّ أنهم يعلمون أن هذه الحكومة لا يمكن أن تستمر طويلا. لكن لم يكن لديهم خيار أفضل.
لقد أزعجت الاحتجاجات جميع النخب السياسية، لكن حزب الله كان سيخسر أكثر من غيره بسبب الإصلاح الحقيقي. إن تكليف دياب لكي يفشل هو الخطوة الأولى في عملية يأمل أن يستعيد بها الوضع الذي كان قائما. كان هذا هدف حزب الله منذ بدء الاحتجاجات في الخريف الماضي، كما يأمل بأن تكون النتيجة المثالية عودة رئيس الوزراء السابق سعد الحريري، الذي استقال في تشرين الأول الماضي إلى منصبه.
من المحتمل أن حزب الله الآن يحسب أنه بمجرد فشل دياب، يمكنه أن يتقدم ويقترح، باسم الوحدة الوطنية، عودة الحريري، أو تسمية سياسي آخر مقبول لدى المجتمع الدولي – سياسي سيسمح للأمور بأن تعود إلى ما كانت عليه قبل 17 تشرين الأول.
ربما يكون المحتجون العقبة الرئيسية أمام هذا السيناريو. فهم قد يصمدون لفترة أطول من أجل إجراء إصلاح أكثر شمولية للبنى والتقاليد السياسية في لبنان. إن كان الأمر كذلك، فسيتعين على حزب الله أن يقدم شيئا أكثر استدامة من حكومة دياب كحمل ذبيحة.