موغيريني تتعرض لانتقادات شديدة بسبب فضائح لبنان
موغيريني تتعرض لانتقادات شديدة بسبب فضائح لبنان
الكاتب : مارتن جاي _ مجلة TRTWORLD
ترجمة صوفي شماس
بدأ أعضاء في برلمان الاتحاد الأوروبي يشعرون بأن خطط إدارة الاتحاد الأوروبي للنفايات في لبنان مزيفة، وبدأت الانتقادات الشديدة تنصب على رئيسة السياسة الخارجية السابقة للاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني.
تخطط مجموعة مستقلة من أعضاء في البرلمان الأوروبي لاسترداد أكثر من 38 مليون دولار خسرتها المفوضية الأوروبية في لبنان بسبب خطط وهمية لإدارة النفايات، إلى جانب محاكمة أولئك الذين كانوا مسؤولين عن الفساد هناك.
ستشمل الأخبار بعض اللاعبين الكبار في لبنان مثل نجيب ميقاتي وسعد الحريري، الذي ربطه رجل أعمال لبناني بملايين اليورو التي سُرقت من برامج الاتحاد الأوروبي لإدارة النفايات ولأنه كان وراء حيلة جديدة لسرقة المزيد من أموال المساعدات الدولية التي تبلغ نحو مليار دولار لإنشاء محارق وهمية.
في أعقاب التحقيق الذي نُشر في أيار من العام الماضي، والذي لم يكشف فقط عن تحويل مساعدات الاتحاد الأوروبي، في كثير من الحالات، إلى جيوب حزب الله بل ربط مصانع الاتحاد الأوروبي بزيادة كبيرة في حالات السرطان. لذا، فالبرلمان الأوروبي على وشك أن يقاضي لبنان ومكتب رئيسة السياسة الخارجية السابقة للاتحاد الأوروبي، فيديريكا موغيريني.
تعتبر هذه الخطوة مثيرة للجدل وتوجها جديدا من أعضاء البرلمان الأوروبي الذين يرغبون في إجراء مزيد من المساءلة في كيفية إنفاق أموال مساعدات الاتحاد الأوروبي. إنها ضربة لموغريني التي طلبت منها عضو البرلمان الأوروبي، آنا غوميز، في الصيف الماضي فتح تحقيق كامل، ووفق رسالة سرّية صدرت في تموز 2019، رفضت موغريني إجراء هذا التحقيق.
في هذه الرسالة تنفي موغريني بشكل صارم وقوع أي خطأ، وتدّعي أن “الاتحاد الأوروبي وضع عددا من الآليات الداخلية والخارجية لمراقبة تنفيذ مساعداته في هذا القطاع. بالتوازي مع ذلك، أجرى وفد الاتحاد الأوروبي في العام 2018 تقييما مستقلا لتأثير المشاريع المنفذّة من خلال المساعدة على إعادة إنشاء برنامج الإدارة اللبنانية، ومراجعة مستقلة لبرنامج تطوير قدرات إدارة النفايات الصلبة الجارية في لبنان.” وأضافت، “من المتوقع صدور التقرير النهائي للتقييم بحلول تشرين الأول 2019، ولا تظهر الاستنتاجات الأولية أي دليل على الفساد.”
لكن غوميز لم تعر رفض موغريني اهتماما، كذلك فعل جيل جديد من أعضاء في البرلمان الأوروبي دخلوا إلى البرلمان خلال الصيف وبدأوا عملهم في حزيران – والذي ارتكز من بين أمور أخرى، على استبدال موغيريني بجوزف بوريل.
الحرس الجديد
تستعد مجموعة غير رسمية، مؤلفة من أعضاء شعبويين (أو “يمينيين”)، بقيادة وزير ساركوزي السابق، تيري مارياني، لمواجهة مسألة اختلاس مساعدات الاتحاد الأوروبي للبنان – الأمر الذي قد يؤدي إلى وقف تدفق مئات ملايين اليورو كدعم من الاتحاد الأوروبي إلى لبنان واللاجئين السوريين في المستقبل.
مارياني، الذي أثار جدلا بعد أيام فقط من دخوله البرلمان الأوروبي بزيارته رئيس النظام السوري بشار الأسد في آب المنصرم، يسانده العديد من النواب الفرنسيين. إنه يشعر بالقلق إزاء خطط إدارة النفايات الزائفة في لبنان، والتي تكلّف أكثر من 33 مليون دولار (لـ11 مصنعا) والتي يشك في أنها تذهب إلى جيوب السياسيين الفاسدين، إضافة إلى المساهمة في الارتفاع المخيف في معدلات الإصابة بالسرطان في لبنان.
لكن مارياني لا يتناول سوى نقطة في بحر حول كيفية وقوع الاتحاد الأوروبي في الفخ لعقود في لبنان وخسارته أموال طائلة، وهي أكثر بكثير من 33 مليون دولار وقعت في أيدي السياسيين والميليشيات الفاسدة هناك، وإن كانت دعوته لإجراء تحقيق حول مساعدات الاتحاد الأوروبي إلى لبنان جادة، فهي تهدد برفع الغطاء عن الفساد المتواطئ واختلاس أموال الاتحاد الأوروبي، وربما الأهم من ذلك، عن أولئك الذين بذلوا قصارى جهدهم للتستر على هذه الفضيحة.
ومن شأن التحقيق أن يلقي الضوء على المشاريع السابقة التي ابتلعت المزيد من أموال الاتحاد الأوروبي في قطاع إدارة النفايات. ففي السابق، تمت الاستعانة بالاتحاد الأوروبي لشراء الأراضي وبناء ما لا يقل عن ستة مراكز للصرف الصحي وهي اليوم متوقفة ولم تعمل أبدا – وهي أيضا جزء من عملية احتيال أكبر بكثير، سرقت من خزائن الاتحاد الأوروبي ما يقارب المئة وعشرة ملايين دولار.
علمت TRT World أن خطة مارياني ترتكز على تشكيل لجنة مكونة من أعضاء في البرلمان الأوروبي لتحقّق في مثل هذا الكسب غير المشروع والاختلاس على نطاق واسع في لبنان، وتحاكم المذنبين وتسعى لاستعادة الأموال المنهوبة.
لا يمنح أعضاء البرلمان الأوروبي هؤلاء ثقة كبيرة لمكتب الاتحاد الأوروبي لمكافحة الاحتيال،”OLAF” ، على الرغم من أن TRT World تدرك أن أعضاء البرلمان الأوروبي يتعاونون مع وحدة مكافحة الاحتيال التابعة للاتحاد الأوروبي، والتي أبلغت مارياني بالفعل أنه يمكنها التحقيق في الكسب غير المشروع الذي يعود إلى خمس سنوات فقط.
يأمل أعضاء البرلمان الأوروبي في أن تتخذ الحكومة اللبنانية المبادرة للتحقيق بنفسها وتسليم الأموال إلى بروكسل كبادرة حسن نيّة.
خلال خطاب عاطفي مدته دقيقتان في البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ في 27 تشرين الثاني الماضي، والذي استشهد فيه مارياني بعملية اختلاس المساعدات الذي قدمها الاتحاد الأوروبي إلى طرابلس، أقرّت موغريني أخيرًا بأنه يتعين دراسة القضية.
لا شك أن مطالبات مارياني ستُقدم إلى جوزف بوريل، منسق السياسة الخارجية الجديد في الاتحاد الأوروبي في منتصف شهر كانون الثاني، والذي سيصعب عليه الاستمرار في موضوع “التستر على التستر” في لبنان (على حد ما عبّر عنه بثقة أحد أعضاء البرلمان الأوروبي).
تهدف اللجنة أيضا إلى تنفيذ بعض المبادرات الجريئة لمساعدة حركة الاحتجاج في بيروت التي تسعى إلى الإطاحة بالنخبة الفاسدة والدخول إلى حقبة جديدة من المساءلة. على سبيل المثال، تهدف أيضا إلى تجميد جميع الأموال الدولية في حسابات المصارف الغربية المرتبطة بالأموال المختلسة من خزائن الدولة.
الموساد والحريري و”عازف البيانو”
يمكن أن تُعزى الخطوة غير التقليدية تماما التي اتخذها مارياني في البرلمان الأوروبي إلى عازف البيانو الفرنسي – اللبناني المثير للجدل، ورجل الأعمال وقيصر الإعلام، عمر حرفوش. لقد أعلن عن الكارثة بكاملها قبل بضعة أسابيع في بروكسل في مؤتمر ضمّ نواب من البرلمانات الوطنية في الاتحاد الأوروبي (مثل دينو جيارروسو، عضو مجموعة “خمس نجوم” في إيطاليا) الذين يدعمون المبادرة اللبنانية.
نظّم حرفوش، الذي يعد من المشاهير الصغار في فرنسا، مؤتمرا مماثلا في العام الماضي في مجلس الشيوخ الفرنسي برئاسة فيليب دوست بلازي، الذي شغل أيضا منصب وكيل الأمين العام للأمم المتحدة.
ادّعاءاته عن لبنان استثنائية لأنه يقول إن مصنعا فرنسيا لإدارة النفايات بقيمة 38 مليون دولار كان على وشك أن يبنيه بنفسه (بأموال مصرفية لبنانية محلية) قد تم إلغاؤه بسبب الفساد – وهو لا يطال النخبة السياسية في لبنان وحسب، إنما امتدّ بشكل ملحوظ إلى المجتمع المدني.
تشير اتهاماته الحارقة بإصبع الاتهام إلى المنظمات غير الحكومية في طرابلس – والشخصيات التي تقف وراءها – التي يزعم أنها وعدت برشاوى ضخمة من صفقات المحارق التي يتم التخطيط لإنشائها، والتي يعتقد كثيرون في لبنان أنها عبارة عن تحويل مدفوعات ضخمة إلى النخبة من خلال تضخيم تكاليف الشراء الحقيقية.
حتى أنه تمّ اتّهام رئيس الوزراء سعد الحريري، الذي يؤيد المحارق، بأنه جزء من عملية الاحتيال، بحيث يقول حرفوش، إن التكلفة في الواقع تبلغ حوالي 120 مليون دولار لكل منها، ولكن تم تضخيمها إلى 170 بحيث يتلقى أولئك الذين يوقعون على الاتفاقات المبالغ السخية.
يشير حرفوش بأصابع الاتهام على وجه التحديد إلى المنظمات غير الحكومية ورئيس بلدية طرابلس بسبب الوعود بنيل حصة من هذه الكعكة (المحارق)، ويزعم أنه لهذا السبب تم حظر مصنعه الفرنسي في اللحظة الأخيرة، وأصبح موضوع حملة تشويه ربطته بالموساد.
ومن اللافت للنظر أن الاقتراح الأولي حظي ببعض النفوذ السياسي من فرنسا. في تموز 2018، زار وفد من النواب الفرنسيين المصنع الحالي الذي يموله الاتحاد الأوروبي في طرابلس والذي كانت تفوح منه رائحة كريهة في المقام الأول – بالمعنى المجازي (فساد) والحرفي. خطرت الفكرة على بال نائبة فرنسية تدعى ناتالي غوليه.
التقى حرفوش في البداية مع السياسيين في طرابلس الذين طلبوا من فرنسا المساعدة. كما التقى بملياردير طرابلس ورئيس الوزراء السابق نجيب ميقاتي والرئيس ميشال عون، اللذين قالا إنه إن كان بإمكانه إيجاد حل، فسيدعمانه – كلام عقيم إن لم يكن مخادعًا، فهو سينتج.
رغم ذلك، كانت هناك حينها إشارات على أن اقتراحه قد يفشل لأنه لا يتضمن مكوّنا حيويا واحدا: عنصر الارتداد أو عنصر “البخشيش”.
“لم يقبل لبنان مشروعي لأن أحدا لم يأخذ (رشوة) أموالاً منه. أكثر من ذلك حتى، كان كل شخص يسألني عن كيفية الحصول على المال منه، لكنني كنت أقول “لا يوجد مال”. في لبنان، عادة ما تكون لصفقات المساعدات الدولية أو هذه المنح مرافق مدمجة للسماح لأولئك الموجودين على الأرض باختلاس الأموال من المشروع. أما المشاريع التي لا مرافق لها – أو التي ليس لديها رعاة مستعدون للتغاضي عن الاختلاس – تُلغى عادة عند أول عقبة.
وبالفعل، لم يسمح مشروع حرفوش بمثل هذا المخطط. ولعل الأسوأ من ذلك، أخبر الناس في طرابلس أنه لن يدفع رشوة، وبالتالي أكّد فشله.
يدّعي حرفوش أنه التقى الحريري سبع مرات، وهو كان دائما يعطي الضوء الأخضر لكنه، ولسبب غامض، لم يدفع بالمشروع قدما، مما جعل حرفوش حذرا من رئيس الوزراء اللبناني السابق.
يضيف حرفوش، “قاد رئيس بلدية طرابلس حملة ضد المصنع الجديد من قبل المجتمع المدني. في نفس الوقت، أسمع روايات عن ثلاث محارق تكلف كل منها 170 مليون دولار، ولكن السعر الحقيقي في الواقع هو 120، أي أنه توجد 50 مليون دولارا لم يُعرف إلى أين تذهب…”
يدّعي حرفوش أن ميقاتي، الذي يعتقد أن ثروته الصافية تقارب الخمسة مليار دولار هدّده في البداية وقال له عبر الهاتف إنه يستطيع أن يجعله “يختفي”.
لهذا السبب يخشى حرفوش العودة إلى لبنان. فهو يدّعي أن التهديدات التي تلقاها حقيقية. يقول إن مارياني الآن هو الرجل الذي يدفع قدما بملف لبنان ويفضح الاختلاس إلى جانب مساعدة عضوين من أعضاء البرلمان الأوروبي اليميني. ويختم، “مارياني شجاع جدا. إنه ضد الفساد. لقد فهم أن العديد من أعضاء البرلمان الأوروبي يريدون المساعدة. بمجرد أن يبدأ مارياني شيئا ما، لن يتوقف أبدا. يعلم الجميع أنه نظيف. إنه فقير ويعيش في شقة صغيرة جدا في باريس. مارياني مستعد للذهاب مع وفد إلى لبنان في شباط لمتابعة التحقيق ومعرفة إلى أين ذهبت أموال الاتحاد الأوروبي هذه”.
https://www.trtworld.com/magazine/exclusive-mogherini-under-fire-over-stink-in-lebanon-from-eu-cash-33136/amp?__twitter_impression=true