المي بتكذب الغطاس (بقلم عمر سعيد)
هل حقاً ركبت القوات اللبنانية ثورة ١٧ تشرين ؟!
وكأن القوات اللبنانية تعيش في كوكب آخر لا علاقة له بوجع الناس وهمومهم ..
وكأن جمهورها ومحازبيها ليسوا من طينة الناس التي تستشعر آلام الوطن ، وعذاباته ..
إدعاء من هنا وآخر من هناك يُلصق بحزب ، لا تقاس وطنيته بلبنانيتها بقدر ما لو قيست بالشهداء الذين كلفهم انتماءهم للبنان بحراسة الأرض من جوفها ، لخجل أولئك المُدّعُون بادعاءاتهم كأضعف إيمان .
لقد ناضل هذا الحزب لأجل أهله ووطنه عقوداً ، لو مرت على من يهاجمونه ، لكانوا اليوم جميعهم مجرد أسماء في قوائم دوائر الهجرة الدولية .
في كل يوم تطالعنا أبواق التمنين والتخوين بمعزوفة : ” لولا قتالنا لداعش لكانت اليوم في جونية ”
يا أنتم ، لم يسمع اللبنانيون قواتيا واحداً و على مدى سنوات تضحياتهم يمنن اللبنانيين بما فعل لأجل شعبه ووطنه ..
بل إن القوات وإن أتت على ذكر شهدائها وجهودها ، تأتي عليه من باب العرفان بالجميل لمن أعطوا وما بخلوا، ولغرس قيم النضال في نفوس الأجيال الجديدة.
ولو عاد واحد ممن ضحوا بأنفسهم في معارككم العبثية ، وسمع معزوفات التمنين التي تطربون جمهوركم بها ، لاعتذر لأهله وبلده ، وخجل من تجارتكم بدمه المبارك ، ولطالب بشطب اسمه من قوائم شهدائكم المستغلين في سياساتكم.
لم تركب القوات موجة الثورة بتاتاً ، لأن سفنها تبحر في عباب هذا الوطن منذ سنوات طوال ، ولم تضيع بوصلتها قط .
ولأن القوات اللبنانية حزب وطني ، لا يعرف افراده لغة المنة والتذكير بالجمائل ..
ولأنها حزب نهض و ينهض بأحلام الناس ، ولأن ثورة ١٧ تشرين ثورة الناس ، تشابهت أحلامهم ومطالبهم بأحلام ومطالب القواتيين ..
ولكن لطالم آلم المتلونون ثبات الثابتين ونقاء لونهم تحت كل التبدلات التي طرأت على المناخات السياسية في لبنان .
يا انتم ليست للقوات جغرافيا تحدد نوع العناصر البيئية التي تصلح للعيش فيها إلا جغرافيا الوضوح والصدق والشفافية ..
وليست مصادفة أن تأتي مطالب الناس في ثورتهم بهذه المواصفات .
ذلك لأن القوات ما خانت رؤاها ، ولا خانت ثراها ولبنانها ، وظل مناضلوها يقبضون على مبادئهم منذ أن كان القبض عليها أشبه بالقبض على الجمار .
لذلك روعكم أن جلاء الليل عنها كشف عن شدة الشبه بينها وبين كل اللبنانيين ..
وهالكم أن يكون صوتها هو صوت الناس في هذا الوطن ..
فما كان لكم من سبيل إلا الادعاء والدجل الأسود ..
وكما قيل في المثل الشعبي : ” المي بتكذب الغطاس ”
انتظروا ماء الثورة الجارف ، لأنه سيكذب غطاسكم السطحي ..
وإن غداً لناظره قريب.
عمر سعيد