التصعيد عنوان المرحلة.. وعون لا يرى سوى مصلحة باسيل
كتب غسان ريفي في “سفير الشمال”: يبدو واضحا أن التصعيد سيكون عنوان المرحلة المقبلة، سياسيا من خلال تراجع رئيس الجمهورية ميشال عون عن طرح حكومة تكنوسياسية الى حكومة سياسية مطعمة بأخصائيين وبممثل عن الحراك ما سيؤدي الى حالة إستفزاز عامة، وشعبيا عبر المواجهات التي شهدها وسط بيروت بين المتظاهرين الذين تصدوا لسيارات النواب لمنعهم من الوصول الى مبنى المجلس، وبين القوى الأمنية التي تعاملت معهم بعنف، وهي في النهاية أدت الى تأجيل الجلسة النيابية التشريعية للمرة الثانية على التوالي الى موعد يحدد لاحقا.
هذا الواقع يشير الى أن قرار المواجهة السياسية قد إتخذ، وأن الرئيس عون بدأ يترجم رغبات صهره الوزير جبران باسيل، أولا في الاحتفاظ بموعد الاستشارات النيابية الملزمة والاستمرار في مشاورات التأليف قبل التكليف، بهدف إحراج الرئيس سعد الحريري وإثارة حفيظة الطائفة السنية خصوصا أن هذه المشاورات هي من مهام الرئيس المكلف السني وما يحصل هو مصادرة لصلاحياته وإستهداف صريح للدستور، وثانيا بقطع الطريق على حكومة التكنوقراط التي ينادي بها الحريري، وثالثا بالضغط لتشكيل حكومة على قياس باسيل يستطيع من ضمنها أو عبر الروموت كونترول التحكم ببعض وزاراتها وخصوصا وزارة الطاقة التي تشير المعلومات الى تمسك باسيل بها الى أبعد الحدود، باعتبار أن خروجها من تحت سلطته هو بمثابة إنتحار سياسي له.
بات مؤكدا أن باسيل يخوض معركة مصيرية وفق قاعدة “أكون أو لا أكون”، وهو بالتالي يعتبر أن كل ما قام به منذ التسوية الرئاسية على صعيد الامساك بمفاصل الدولة وأجهزتها ومؤسساتها وتعبيد الطريق أمامه للوصول الى قصر بعبدا خلفا لعمه ميشال عون، قد يذهب أدراج الرياح في حال خروجه من معادلة السلطة لمصلحة حكومة تكنوقراط برئاسة الحريري.
لذلك، فقد سعى باسيل منذ البداية الى إخراج الحريري من المعادلة تارة بربط مصيره به على قاعدة إما أن “نعود سويا الى الحكومة وإما أن نخرج سويا”، وطورا بتحضير “طبخة” تسمية محمد الصفدي لرئاسة الحكومة وإقناع الثنائي الشيعي وإحراج الحريري بها، حيث بدا واضحا أن باسيل يعمل على تعزيز نفوذه داخل السلطة من خلال رئاسة الجمهورية التي يعلم كل اللبنانيين أنه يتحكم بها، وعبر فرض هيمنته على الحكومة إنطلاقا من التوافق مع الصفدي الغارق في علاقته مع التيار الوطني الحر.
من هذا المنطلق لم تعد مستغربة، ردة فعل باسيل على إسقاط الشارع لمرشحه الصفدي، وترجمتها عبر نواب التيار بالهجوم على الحريري وإتهامه بالفساد والعودة الى إنتقاد نهج والده السياسي والاقتصادي وصولا الى الاطاحة بالتسوية الرئاسية، خصوصا أن ما حصل أدى الى هدم “قصر من رمل” كان بناه باسيل على شاطئ الجمهورية.
لا شك في أن كل المؤشرات تدل على إنسداد الأفق، خصوصا في ظل إتهام البعض لرئيس الجمهورية بأنه لا يرى سوى مصلحة باسيل، في حين يغمض عينيه على كل ما يشهده الشارع من حراك منذ شهر ونيف، في وقت يتمسك فيه الحريري بخيار تشكيل حكومة تكنوقراط تكون قادرة على الانقاذ، ما سيجعل الجميع أمام أزمة مفتوحة وطويلة سيكون لبنان وإقتصاده وليرته وشعبه هم الخاسر الأكبر فيها.. كرمى لعيون صهر العهد