“اتفاق الرياض” يؤسس لمرحلة يمنية جديدة ويعيد توجيه البوصلة باتجاه الحوثيين
بحضور رفيع المستوى وضع الخلاف بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي أوزاره اليوم الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني) بعد توقيع الطرفين على ما سمي بـ”اتفاق الرياض”، تحت رعاية العاهل السعودي وبحضور كلٍ من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد والرئيس اليمني عبدربه منصور هادي.
وأكد ولي العهد السعودي في افتتاح جلسة التوقيع أن أهمية هذا الاتفاق تتجاوز دوره في انهاء النزاع الجنوبي قائلا: “التوصل لهذا الاتفاق هو خطوة تؤكد صدق النوايا للأطراف اليمنية وإعلائهم لمصلة الشعب اليمني فوق كل من يسعى لنشر حالة عدم الاستقرار في اليمن، وهو ما يمكن أن يفتح الآفاق لاتفاق أوسع ينهي هذه الأزمة ويجمع كل المكونات اليمنية للوصول لحل سياسي وفق المرجعيات الثلاث”.
ويتضمن الاتفاق في بنوده المتفق عليها التزام بحقوق المواطنة الكاملة ونبذ التمييز المذهبي والمناطقي في تعاملات الطرفين، ووقف الحملات الإعلامية المسيئة بينهما، إضافة الى توحيد الجهود تحت قيادة التحالف لإنهاء انقلاب الحوثي ووضع مهمة مواجهة تنظيمي القاعدة وداعش ضمن أولويات الشرعية، إضافةً إلى مشاركة المجلس الانتقالي في وفد الحكومة في أي خطوة لمشاورات مستقبلية بخصوص الأزمة اليمنية.
وينتظر أن تباشر الحكومة أعمالها من عدن خلال 7 أيام من الاتفاق، على أن تعمل الحكومة المشكلة بالمناصفة بين أبناء المحافظات الجنوبية والشمالية ممن لم يسبق لهم الانخراط في أعمال عنف، على تفعيل مؤسسات الدولة في المحافظات المحررة وصرف الرواتب، وتفعيل دور البنك المركزي بعدن وأجهزة مراقبة الفساد مع إعادة تشكيل المجلس الاقتصادي، بالإضافة إلى تعيين محافظين ومدراء أمنيين لعدن وأبين والضالع وبقية المحافظات المحررة.
ويؤسس الاتفاق، الذي رعته السعودية لمرحلة جديدة من التعاون والشراكة، وتوحيد الجهود للقضاء على الانقلاب واستئناف عمليات التنمية والبناء، بعد أن نزع أزاح فرص الصدام بين الطرفين كما يؤكد محمد جميح الباحث في الشأن اليمن “الاتفاق ضمن للشرعية عدم وجود سلطة موزاية لسلطتها، وضمن في الوقت ذاته للمجلس الانتقالي المشاركة في الحكومة كمكون يمني ضمن بقية المكونات”، مضيفاً “الاتفاق بالمجمل جنب المناطق المحررة وتحديداً عدن المزيد من الصراع، وهناك لجان ستشكل للإشراف والمتابعة وهو ما سيلعب فيه التحالف بقيادة السعودية دور الضامن لتطبيق الاتفاق”.
هادي في عدن قريباً
وكان قد نص الاتفاق على عودة الحكومة اليمنية ممثلةً بمجلس الوزراء الذي سيتم تشكيله وفقاً لهذا الاتفاق، إلى عدن خلال 7 أيام لتباشر مهامها في المناطق المحررة، وفق ما رشح من أخبار. إلا أن المتحدث باسم الحكومة الشرعية قد تلى الاتفاق بتصريح ذكر فيه أن العودة إلى عدن ستشمل رئيس الدولة عبدربه منصور هادي الذي سيباشر مهامه في القصر الرئاسي في عدن بعد تشكيل الحكومة، على أن يؤدي الوزراء الجدد القسم أمامه في قصر المعاشيق في عدن.
وسيشارك في تشكيل الحكومة بجوار المكونات الشمالية التي ستحصل على نص مقاعد مجلس الوزراء مكونات جنوبية متعددة، وهي المجلس الانتقالي الجنوبي كطرف رئيسي، والائتلاف الوطني الجنوبي بالإضافة إلى الحراك الثوري ومؤتمر حضرموت الجامع.
إذ يتحصل المجلس الانتقالي الجنوبي وفق الاتفاق على حقيبتين وزاريتين، فيما يتحصل كلا من الائتلاف الوطني والحراك الثوري ومؤتمر حضرموت الجامع على حقيبة وزارية واحدة بمجموع خمس حقائب .
ويتم توزيع ما تبقى من حصة الجنوب من الحقائب الوزارية على التيارات السياسية الجنوبية الأخرى وبينها المؤتمر الشعبي العام وحزب الاصلاح والحزب الاشتراكي والناصري والمستقلون وبنسب متساوية تضمن اتفاق الشراكة الذي نص عليه الاتفاق.
قوات سعودية جديدة في عدن
وكانت السعودية الدولة الضامنة في الاتفاق، قد باشرت تطبيق الاتفاق منذ الثلاثاء 29 اكتوبر (تشرين الأول)، إذ أرسلت قوات ومعدات عسكرية ثقيلة جديدة لمدينة عدن لتأمين المدينة والمراكز الحيوية فيها، استعداداً لتطبيق بنود الاتفاق القاضي بتسليم قوات الانتقالي للسلاح وعودة الحكومة الشرعية ممثلةً بمجلس الوزراء إلى عدن ومباشرة مهامه.
وهو ما تزامن مع إعلان القيادة العامة للقوات المسلحة الاماراتية عودة من تسميهم بـ”قوات الواجب الإماراتية” العاملة في محافظة عدن باليمن، مضيفةً في البيان الذي نُشر في وقت مبكر من يوم الأربعاء 30 اكتوبر (تشرين الاول) “انجزت القوات مهامها العسكرية المتمثلة بتحرير عدن وتأمينها وتسليمها للقوات السعودية واليمنية، وفقاً لاستراتيجية عسكرية ممنهجة، لضمان المحافظة على الإنجازات العسكرية المتحققة”، الذي فيما يبدو أنه بداية لتطبيق الاتفاق القاضي بانتشار سعودي واحتكار القيادة العسكرية بيد الحكومة الشرعية.
مرحلة جديدة
ويؤسس الاتفاق لمرحلة جدية تلي تلك التي بدأت في فبراير (شباط) 2017، حين بدأت الأزمة لحظة أعلن تأسيس المجلس الانتقالي الجنوبي بقيادة عيدروس الزبيدي، عقب إعفائه من محافظة عدن لتبدأ بعدها شرارة التراشقات السياسية والعسكرية بين الانتقالي ومكونات الشرعية اليمنية مما عده البعض افشالاً لمهمة التحالف العربي لدعم الشرعية الرئيسية . وزادت حدة التوترات بين الفرقاء اليمنيين في أغسطس (آب) الماضي، حين رفع المجلس الانتقالي وقوات النخبة المدربة والمدعومة إماراتياً من حدة التوترات، وذلك بمهاجمة مقرات للشرعية اليمنية في العاصمة المؤقتة عدن، مما اضطر التحالف وبقيادة السعودية للتدخل لتأمين هذه المقرات ومن ثم الدعوة للحوار، وهو ما انتهى إليه المختلفون بالاتفاق وإعلان ”اتفاق الرياض“ الذي سيوقع الثلاثاء المقبل في العاصمة السعودية.
“الانتقالي” الجهود ستتركز على صنعاء
وفي أول تعليق عقب الاتفاق أكد عيدروس الزُبيدي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي على أهمية اتفاق الرياض الذي رعته السعودية، معلناً إعادة توجيه البوصلة نحو المعركة الرئيسية في صنعاء ضد الانقلاب الحوثي.
وقال الزبيدي:”نوقع اليوم على اتفاق عادل، حافظنا فيه على ثوابتنا الوطنية التي تضمنتها وثائقنا ومشروعنا السياسي كمجلس انتقالي جنوبي يحمل قضية شعب الجنوب، وبنفس الوقت أسسنا من خلال الاتفاق لآلية تنظم العلاقة بالشرعية وتعالج الأخطاء التي واكبت المرحلة السابقة، ومن اليوم سيتم توجيه وتركيز الجهود العسكرية نحو صنعاء لمحاربة ميليشيات الحوثي، ولا شك أن تنفيذ اتفاق الرياض سيمكننا من تحقيق انتصارات جديدة ضد التمدد الإيراني”.
وأكد “أن هذا الاتفاق يؤسس لمرحلة جديدة من التعاون والشراكة مع التحالف العربي بقيادة المملكة، وذلك لبناء المؤسسات وتثبيت الأمن والاستقرار في بلادنا، ورفع المعاناة عن شعبنا، وكبح ميليشيات الحوثي المدعومة من النظام الإيراني”.
المصدر : اندبندنت