شهيد الشهامة والمروءة: ‘سليم’ هب لاخماد الحرائق، فارتقى ميتماً طفلين صغيرين وزوجته
هكذا هم الطيبون دائماً… يرحلون في سبيل الآخرين ويذرون انفسهم من اجل حمايتهم… فيرتقون شهداء على مذبح الفداء، وتضيف شهامتهم ونخوتهم هالة عليهم لتنير مسيرتهم العابقة طيبة ومحبة…. ولعل ما قام به الشاب “سليم أبو مجاهد” (32 سنة) خير مثال على روح الايثار، فضحى بنفسه وحرم طفليه وزوجته، كما عائلته منه، ليرد الخطر عن ابناء بلدته بتاتر الشوفية….
منذ الأمس، اندلعت النيران في منطقة المشرف الشوفية، وما لبثت ان اتسعت رقعة النيران وطاولت السنتها العديد من المناطق المجاورة قبل ان تتم السيطرة عليها والحد من اضرارها مع متاخمة النيران للبيوت والمباني…. حاله كحال الشباب الذين هبوا لاطفاء النيران، ترك الشاب “سليم” طفليه وزوجته في منزلهم وتوجه للمساعدة في اخماد النيران…. نسي خضوعه للعملية الجراحية الطارئة لتركيب دعامة لقلبه….. تغاضى عن كثافة الدخان التي تهدد سلامة الجسد العفيّ، فكيف بجسده الذي يتعافى من وعكته…. فكل ذاك يهون أمام سلامة أهله وناسه في بلدته…. ولكن القدر كأنه قد هاله ما رآه فيه من نخوة، فخط له نهاية مشؤومة…. تسارعت نبضات قلبه مع تنشقه فائض الغازات المنبعثة حتى خارت قواه وتوقف عن النبض… حاول الأهالي اسعافه على وجه السرعة ونقله الى احدى مستشفيات الجوار، ولكن سوء احوال الطرقات والاستنفار للطوارئ أخر وصوله الى المستشفى، فأسلم الروح شهيداً على درب النخوة والشهامة….
فاجعة أليمة حلت برحيله المفاجئ…. فزوجته وطفلاه ما زالا بأمس الحاجة لسندهما الوحيد في الحياة…. ولعل دموع أبيه ينعاه مودعاً “كسرتلي ظهري… خسرتك وخسرت شبابك” باتت من المشاهد المألوفة في وطن أدمن القدر دماء ابنائه… فتارة تخطفهم الأمراض، وتارة أخرى تحصد ارواحهم الطرقات…. احيانا تقتلهم الغربة وتعيدهم الى ثرى الوطن في نعوش باردة، وأحياناً أخرى تثور حتى الطبيعة لتلتهم ما استطاعت من أحلامهم بغد أفضل…. فسلام لروح “سليم” وخالص الدعاء والصلوات لشفاء المصابين عسى أن تكون مودعيهم ومواسيهم قرباناً على مذبح قيامة وطن مضرج باهمال مسؤوليه وغفلة أبنائه
المصدر : يا صور