تحت المجهر

النار الإغريقية… مهندس فينيقي صنع اول سلاح بحري مرعب

يطلق مصطلح النار الإغريقية على سائل مُحرق، استعمل كسلاح من قبل البيزنطيين في حروبهم البحرية منذ 674 ميلادية.

يذكر المؤرخ البيزنطي ثيوفانس Theophanes، أن اختراع النار الإغريقية يرجع للمهندس الفينيقي كالّينيكوس Callinicus من بعلبك وذلك سنة 670 ميلادية.

تعريف

تسمى النار الإغريقية باللغة اليونانية “ايغرو بير” “υγρό πυρ” أي النار السائلة. ولا تعرف مكونات هذه المادة بدقة، لكن يرجح أنها كانت مزيجاً مركباً من عدة مواد سريعة الاشتعال كالكحول – النفط – وملح الصخور – والكبريت – والقار. وكانت لهذه المادة خاصية الإحتراق حتى على سطح الماء، لذلك سميت أيضاً بالنار السائلة أو البحرية.

أستعملت النار الإغريقية مرات عدة للدفاع عن مدينة القسطنطينية وفك الحصار عنها في 674 وكذلك في معركة سيلايوم البحرية سنة 677، ضد الأسطول الأموي، وكذلك ضد البلغار سنة 941 ميلادية، كما أنها استعملت في حرب إسترجاع القدس سنة 1187م التي كان جيش المسلمين فيها بقيادة صلاح الدين الأيوبي… ويوصف استعمالها بالطريقة التالية: كان المزيج المحرق يعبأ في قدور كبيرة، على متن سفن حربية سريعة تسمى بالـ”درومون” (باليونانية δρόμων، وتعني العداء)، وعند الاستعمال يسخن ويضخ في سيفون من النحاس ينتهي بمحقن مركب في مقدمة المركب (يعرف بالـ”سيفوناريوس” siphònariòs)، ينفث المادة السائلة على سفن الأعداء، والتي تلتهب بصفة تلقائية. وقد اكتشفت مادة مشابهة وأستعملت من قبل البحرية الصينية بهذه التقنية أو معبأة في قنابل يدوية وقذائف منجنيق سنة 975 ميلادية.

بذل العلماء جهوداً كبيرة لاكتشاف أسرار هذا السلاح الفتاك الذي كان أعجوبة الزمان الغابر حيث بادر حديثاً طاقم انكليزي يترأسه البروفيسور جون هولدن “المؤرخ المتخصص في الحروب البيزنطية”، إلى مشروع يهدف إلى اكتشاف غوامض هذا السلاح لإعادة تصنيعه وتجريبه، وكان هذا العالم أول من يخرج بتصميم لقاذف اللهب أو “النار الإغريقية”، شارحاً المواد التي صنعت منها هذه النار وآلية استخدامها.

النار الاغريقية بقيت سلاحاً سرياً للغاية بأمر من الامبراطور البيزنطي كي لا يتم استخدامه من جهة معادية ضد الامبراطورية، ومنح هذا السلاح الفتاك تفوقاً عسكرياً واضحاُ لها، كما كان له أثر واضح في الحرب النفسية بالنظر لجديته وتأثيره المدمر غير المسبوق، فكان من الصعب جداً إطفاء النار ما كان يثير الرعب في نفوس الأعداء ويخفض من حسن أدائهم.

وفي وثيقة تاريخية تصويرية نادرة، تمثل النار الإغريقية، وهي مخطوط مصور باليونانية يرجع إلى القرن الثالث عشر محفوظ اليوم في المكتبة الوطنية في مدريد ويحتوي على تصوير ملون يمثل زورقاً حربياً شراعياً مع طاقمه، يباغت زورقاً معادياً بفتح النار الإغريقية عليه من فوهة باثقة للهب.

تادي عواد

المراجع

^ “Greek Fire”. 1911 Encyclopædia Britannica.

^ “Roman Seapower”. Encyclopedia Britannica Online.

^ Theophanes The Chronicle of Theophanes Confessor, Oxford University Press, 1997.

^ James Riddick Partington (1960, reprinted 1999). A History of Greek Fire and Gunpowder. The Johns Hopkins University Press.

^ Spears, W.H., Jr. (1969). Greek Fire: The Fabulous Secret Weapon That Saved Europe. ISBN 0-9600106-3-7

^ Needham, Joseph (1986). Science and Civilization in China: Volume 5, Chemistry and Chemical Technology, Part 7, Military Technology; the Gunpowder Epic. Taipei: Caves Books Ltd.

Show More

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button