مسؤوليات الهيئة اللبنانية للطاقة الذرية و مهامها (بقلم أدولف عيد)
تشهد مواقع التواصل الإجتماعي حملة عشوائية على الهيئة اللبنانية للطاقة الذرية من دون حتى السؤال أو التأكد من المهام و المسؤوليات التي تقع على عاتق الخبراء و العاملين فيها.
إن الطاقة الذرية لا تعني دائما المجال العسكري أي العمل بالرؤوس الحربية التي تحتوي على اليورانيوم المخصب أو البلوتونيوم ولا حتى العمل بالمفاعلات النووية لإنتاج الطاقة الكهربائية.
فالطاقة الذرية تشمل المصادر و المواد المشعة المستخدمة في ما يعرف بالطب النووي و التي تستوردها بعض مستشفيات لبنان لمعالجة مرضى السرطان و تشخيص بعض الأمراض و حتى عمليات التصوير التي تتم بواسطة الأشعة السينية (X-ray).
بالإضافة إلى استخدامها الواسع في مجال الطب فهذه المواد و المصادر المشعة تستعمل بشكل كبير في مجال الصناعة, الزراعة والثقافة.
يستخدم الصناعيون في كافة أنحاء العالم المصادر المشعة في عملية قياس سماكة منتوجاتهم و تحديد مستوى السوائل في الخزانات, كما تستعمل من قبل شركات البناء لقياس كثافة التربة و مستوى الرطوبة في الأرض و مجالات التصوير و غيرها.
هنا يأتي دور الهيئة اللبنانية للطاقة الذرية بإصدار التراخيص لمستوردي هذه المصادر كالمستشفيات و المصانع و حتى الجامعات اللبنانية و لا يقتصر دورها على هذا الحد بل يقوم خبراء الهيئة بمتابعتها عبر القيام بجولات تفقدية عليها و إعطاء النصائح و الإرشادات لمستخدميها التي تتعلق بالسلامة العامة و الأمن. (الجانب الأمني يعني كيفية حماية هذه المصادر و منع وقوعها في الأيدي الخطأ والتي من الممكن أن تستعملها في أعمال إرهابية أو حتى في بناء ما يسمى بالقنابل القذرة).
فبالإضافة إلى هذه المهام يقوم خبراء الهيئة المتواجدين بصورة دائمة على المعابر الحدودية كافة البحرية منها و البرية (مرفأ بيروت, صيدا, طرابلس, المصنع…) بالكشف على جميع شحنات خرضة المعادن و غيرها من البضائع التي تدخل عبر المعابر الشرعية اللبنانية و التي غالبا ما تحتوي على مصادر مشعة نطلق عليها إسم (Orphan sources) أو مصادر يتيمة كون مالكيها قاموا برميها بصورة غير شرعية داخل نفايات المعادن عوض إرسالها إلى المصنع أو (Manufacturer) كي يقوم بتلفها كونها قد فقدت الكثير من نشاطها الإشعاعي مع مرور الزمن. فمنذ إنشائها في العام 1996 قام خبراء الهيئة بإعتراض العشرات لا بل المئات من المصادر المشعة المضرة بصحة الإنسان و السلامة العامة داخل شحنات خرضة المعادن أو حتى المرمية على الطرقات و ثم قاموا بحجزها و تدريعها بواسطة مادة الرصاص و نقلها إلى مستودعاتهم بهدف حمايتها و حماية المواطنين.
كما يقوم العاملون في الهيئة اللبنانية للطاقة الذرية و بالتعاون مع الجيش اللبناني بمراقبة مستوى الإشعاعات أو الخلفية الإشعاعية فى الأجواء اللبنانية بواسطة أجهزة متخصصة بالكشف الإشعاعي مثبتة في مختلف المناطق اللبنانية.
لو لم يكن عمل الهيئة المذكورة ذو جدوى لما كانت تلقت الدعم اللازم من الوكالة الدولية للطاقة الذرية و التي مقرها فيينا و التي تعمل تحت المظلة الأممية للأمم المتحدة و لما كان زارها مؤخرا وفدا رفيع المستوى من الوكالة الدولية للطاقة الذرية حيث قام خبراء من الطرفين بجولة تفقدية و تقييمية في نفس الوقت على عدد من المستشفيات و المصانع اللبنانية التي تستخدم المصادر و المواد المشعة.
السيد أدولف عيد من خريجي المعهد العالمي للأمن النووي في فيينا و قد شارك في عدة بعثات تدريبية و إستشارية مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية بصفة أستاذ محاضر و مستشار