نواب حاكم مصرف لينان: هدر للملايين باسم الطائفية
انتهت مدة ولاية نواب حاكم مصرف لبنان، ودخلت المناصب الأربعة في الفراغ إبتداء من اليوم الأحد 31 آذار إلى حين التئام مجلس الوزراء، وإقرار التجديد للنائب الأول والثالث والرابع، وتعيين النائب الثاني، وذلك في حال استمر الاتفاق على الأسماء.
لكن بعيداً عن الأسماء، وما تمثله من حصص طائفية، هل سألنا أنفسنا يوماً: ما الجدوى من تعيين أربعة نواب لحاكم مصرف لبنان، وليس نائباً واحداً أو اثنين؟ وما هي المبالغ التي تتكلّفها الدولة مع كل استحقاق لتعيين نواب جدد؟
كان من الممكن التجديد لنواب الحاكم الحاليين، أو تعيين نواب جدد في جلسة مجلس الوزراء الأخيرة، لو لم يحاول التيار الوطني الحر انتزاع منصب النائب الرابع، المكرس للطائفة الأرمنية. إلا أن مواجهة حزب الطاشناق بالرفض وإصراره على التفرّد باختيار النائب الرابع لحاكم مصرف لبنان، أفشل محاولة التيار الوطني الحر.
ومن المرتقب أن يرفع وزير المال علي حسن خليل قرار تعيين نواب الحاكم الأربعة، خلال الأسبوع المقبل، إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء، ليُدرج على جدول الأعمال في أول جلسة بعد انتهاء مدة ولايتهم.
حصص طائفية
حسب المادة 18 من قانون النقد والتسليف، يعين نواب حاكم مصرف لبنان لخمس سنوات، بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء، بناء على اقتراح وزير المال واستشارة الحاكم، وهم يمارسون الوظائف التي يعينها لهم الحاكم.
بمعنى أن نواب حاكم مصرف لبنان ليس لهم صلاحيات محددة، غير أنه يمكن للحاكم أن يعين لهم مهام محددة، ما يعني أن وجودهم جميعاً ليس حاجة ملحة، بالنسبة إلى مصرف لبنان، بدليل أن قانون النقد والتسليف لم يلحظ صراحة أي بند أو فقرة تتعلّق بحالة الوقوع بالفراغ في مناصب نواب حاكم مصرف لبنان.
وهذا ما يعني أنه في حال استمرار الفراغ، الذي يبدأ يوم الإثنين 1 نيسان 2019، في مناصب نواب حاكمية مصرف لبنان، لن يتغيّر أي شيء. بل سيتولّى حاكم مصرف لبنان ادارة المهام التي كان قد أوكلها إلى نوابه. كما أنه من المؤكد أن الفراغ في هذه المناصب لن يكون له أي تداعيات سلبية تتعلق بالسياسة النقدية.
إذاً، لماذا التمسك بأربعة نواب لحاكم مصرف لبنان، في حين أن الجميع في لبنان “يحاضر” بمكافحة الفساد وضبط الهدر؟ أليس تمسّك الطوائف بمناصب “فارغة” يُعدّ فساداً؟ وأليس تكبيد الدولة تكاليف مالية على مناصب لا حاجة ملحّة إليها يُعد هدراً؟
لا يوجد في العالم بلد واحد يتولى فيه أربعة أشخاص نيابة حاكم المصرف المركزي. ففي جميعها يتولى شخص واحد أو اثنان هذا المنصب. وحسب نائب حاكم مصرف لبنان الأسبق ناصر السعيدي، في حديث إلى “المدن”، فإن الغالبية العظمى من البنوك المركزية ليس لديها سوى نائب واحد للحاكم، وهناك حالات قليلة لها نائبان. فالبنوك المركزية، حسب السعيدي، لديها مديريات تدير أنشطة ووظائف البنك المركزي. وبالنظر إلى حجم القطاع المصرفي والمالي للبنان، لا يُفترض أبداً وجود 4 نواب للحاكم، إذ يكفي نائب واحد. إلا أن السبب الوحيد في اعتماد لبنان 4 نواب للحاكم هو المحاصصة الطائفية.
وإذا أخذنا بعض نماذج الدول، نلحظ وجود نائبين لمحافظ البنك المركزي في فرنسا، كذلك نائبين لمحافظ البنك المركزي في مصر، أما دول أخرى مثل تونس، وقطر، والكويت وغيرها كثر، فتعتمد نائباً واحداً لمحافظ البنك المركزي.
هدرٌ للمال العام
يحصل نواب حاكم مصرف لبنان المركزي كما الحاكم على رواتب 16 شهراً في السنة، ويبلغ الراتب الشهري لكل واحد منهم 35 مليون ليرة، أي نحو 23333 دولاراً، أي يتقاضى النائب الواحد سنوياً (16 شهراً) 560 مليون ليرة أي نحو 373333 دولار أميركي.
ويتقاضى كل نائب حاكم تعويضاً عند انتهاء ولايته يوازي مجموع رواتبه على مدى سنتين، أي أن التعويض لكل شخص منهم يبلغ ملياراً و120 مليون ليرة، أي قرابة 746666 ألف دولار.
في المحصلة، إذا تم التمديد للنواب الأربعة للحاكم، سيتوفّر على الدولة ما مجموعه 4 مليارات و480 مليون ليرة، أي ما يقارب 3 مليون دولار (2986664 دولاراً)، وفي حال أبقينا على منصب نائب واحد لحاكم مصرف لبنان، أسوء بباقي دول العالم، فسنوفّر على الخزينة 3 أضعاف المدخول السنوي لنائب الحاكم، أي ملياراً و680 مليون ليرة سنوياً.
عزة الحاج حسن – المدن