اخبار العالم

جناح مهزوم في النظام الإيراني يعترف بـ “الانهيار الهيكلي” ويدق ناقوس الخطر

في اعترافات نادرة تعكس عمق المأزق الوجودي الذي يعيشه النظام الإيراني، أقرّت شخصيات بارزة في “الجناح المهزوم” داخل النظام (ما يسمى بالتيار الإصلاحي) بأن الفجوة بين الشعب والسلطة وصلت إلى نقطة اللاعودة. ووصف هؤلاء -الذين كانوا لسنوات طويلة إحدى ركائز القمع وأعمدة الحفاظ على النظام تحت قناع الإصلاح- المجتمع الإيراني بأنه “غاضب وينتظر لحظة الانفجار”، مؤكدين أن النظام فقد شرعيته السياسية داخلياً، وقُطعت أذرعه خارجياً.

نشر موقع “انتخاب” الحكومي في 21 ديسمبر 2025 ، تصريحات صادمة لكل من علي رضا علوي تبار، المنظر السياسي للجناح المهزوم، وآذر منصوري، رئيسة ما يسمى بـ “جبهة الإصلاحات”. ورغم أن هؤلاء يُعرفون بـ “الإصلاحيين”، إلا أن تاريخهم يكشف أنهم كانوا جزءاً أساسياً من ماكينة القمع والجريمة التابعة للنظام، ووظيفتهم الأساسية كانت تجميل وجه الديكتاتورية لتمديد عمرها. تشير تصريحاتهم اليوم إلى أن الأزمة الحالية ليست مجرد خلل إداري، بل هي علامات “انهيار هيكلي” لنظام اعتمد لأربعة عقود على القمع وتوهم الشرعية الدينية.

منابر الخوف: صلاة الجمعة كاشف لأزمة النظام ورعبه من الانفجار الاجتماعيلم تعد منابر صلاة الجمعة في ظل حكم “ولاية الفقيه” مجرد منصات دينية، بل تحولت إلى أدوات أمنية تعكس ذعر النظام من العواصف السياسية القادمة ورعبه المتزايد من وقوع “انفجار اجتماعي” وشيك ينهي سلطته.

علوي تبار: ندعو إلى الله لكي يفهم النظام الكارثة

قدم علوي تبار، أحد منظري هذا الجناح المهزوم، الذي اعترف متأخراً بثماني سنوات عن جيل انتفاضة 2018 بنهاية مسرحية الإصلاح، وصفاً دقيقاً لحالة الغليان الشعبي، قائلاً:

“مع أغلبية غاضبة للغاية، ومجتمع يقف على حافة الأزمة، من الصعب جداً المضي قدماً في أي مشروع إصلاحي. هذا المجتمع غاضب بشدة، والجيل الجديد ناقم، ويفضل أغاني الراب المليئة بالشتائم”.

وفي اعتراف صريح بعدم شرعية النظام، حتى من منظور الموالين له، أضاف: “لدينا أقلية حاكمة ليست نتاجاً للانتخابات، بل وصلت إلى السلطة عبر عمليات أخرى”. وبلغ به اليأس حد القول: “نحن الآن على شفا كارثة. كلنا ندعو إلى الله باستمرار لكي تدرك الحكومة خطورة الوضع، ولكي تفهم النواة الصلبة للسلطة هذا الأمر”.

آذر منصوري: 70% من المجتمع أصبح علمانياً

وبالتوازي، قدمت آذر منصوري إحداثيات دقيقة لانهيار العلاقة بين المجتمع والسلطة، واصفة الوضع الجديد بأنه “خطير للغاية”. وقالت:

“نواجه الآن أكبر فجوة بين السلطة والشعب. لقد فقد المجتمع الإيراني ثقته في قدرة النظام على تجاوز سوء الحكم. مجتمعنا تجاوز مرحلة الالتزام بالتكليف الديني… وأعتقد أن المجتمع الإيراني الآن مجتمع خشن وينتظر حدوث شيء ما. حدث ينهي هذا الوضع ويخلق لهم واقعاً جديداً”.

كما اعترفت منصوري بالفشل التاريخي للأيديولوجية “الولائية” التي لم تجلب سوى الفقر والعزلة، قائلة: “ما يقرب من 70% من المجتمع الإيراني أصبح علمانياً. لا يوجد خطر يضاهي خطر فقدان الشرعية السياسية للحاكم، فهذا يمثل كارثة للحكم. لقد تلاشت هيبتنا في الداخل، وفي المنطقة تم قطع قواتنا وأذرعنا”.

تصاعد المقاومة المنظمة يقوّض أركان النظام الإيرانيفي قراءة معمقة للمشهد الراهن، أكد الباحث الدكتور راهب الخليفاوي أن المقاومة المنظمة أصبحت الطرف الرئيسي في تقويض أركان النظام، مشيراً إلى أن تقاطع الأزمات الداخلية مع نشاط وحدات المقاومة يرسم ملامح نهاية الاستبداد.

دلالات الاعتراف بالانهيار

تكتسب هذه الاعترافات أهمية مضاعفة كونها تصدر من “الجناح المهزوم” الذي سعى لسنوات لتبرير جرائم النظام وتجميل وجهه. عندما يصف هؤلاء -الذين كانوا شركاء في القمع- المجتمع بأنه “غاضب” و”ينتظر الانفجار”، ويلجأون إلى “الدعاء” كحل أخير، فهذا يعني أن النظام قد استنفد كافة أدواته ومناوراته الخادعة لإدارة المجتمع.

تؤكد هذه التصريحات أن قضية “إسقاط النظام” لم تعد خياراً نظرياً للمعارضة فحسب، بل أصبحت واقعاً يفرض نفسه من قلب المجتمع الإيراني؛ واقع يشير بوضوح إلى نهاية نظام ولاية الفقيه والمخاض الحتمي لولادة نظام جديد، وفشل كل محاولات “الجناح المهزوم” لإنقاذ السفينة الغارقة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى