فرنسا… الراعي الدولي لانهيار لبنان وحارس سلاح حزب الله

بقلم تادي عواد
لم تعد السياسة الفرنسية في لبنان خطأً في التقدير، ولا سوء فهمٍ للواقع، ولا حتى فشلًا دبلوماسيًا عابرًا.
إنها شراكة كاملة في الجريمة السياسية المرتكبة بحقّ الدولة اللبنانية.
باريس، التي تتباكى صباح مساء على «سيادة لبنان»، هي نفسها التي تعمل ليلًا نهارًا على تطبيع الاحتلال الإيراني المقنّع عبر حزب الله، وتسوّق هذا التطبيع تحت عنوان «الواقعية».
أيّ واقعية هذه؟
واقعية الاستسلام؟
واقعية الخضوع؟
أم واقعية حماية ميليشيا مسلّحة دمّرت دولةً كاملة؟
حين تقول فرنسا إن نزع سلاح حزب الله بالقوة «مستحيل»، فهي لا تصف واقعًا عسكريًا، بل تُعلن إفلاسًا أخلاقيًا وسياسيًا، وتقرّ صراحةً بأنها اختارت عدم المواجهة، وعدم الضغط، وعدم تحمّل أي كلفة، وترك اللبنانيين رهائن.
كذبة تسليح الجيش: استخفاف بعقول اللبنانيين
خمسةٌ وثلاثون مليون دولار للجيش اللبناني؟
هذا ليس دعمًا، بل رشوة سياسية رخيصة لشراء الصمت.
فرنسا تعرف، والولايات المتحدة تعرف، أن هذا المبلغ لا يخلق جيشًا قادرًا، لا يغيّر ميزان قوى، لا يهدّد حزب الله قيد أنملة.
لكن المطلوب ليس جيشًا قويًا.
المطلوب جيشٌ مُقيَّد: يحفظ الأمن، يضبط الشارع، ويمنع انفجارًا قد يُحرج الرعاة الدوليين لسلاح حزب الله.
جنوب الليطاني: الوقاحة بعينها
الحديث عن إزالة 80% من السلاح جنوب الليطاني كذبة سياسية فاضحة. السلاح لم يُنزع. السلاح اختبأ. السلاح أُعيد نشره.
أما القرار 1701، فلم يُنفَّذ، بل دُفن رسميًا على يد فرنسا نفسها، التي حوّلت «اليونيفيل» من قوة ردع إلى قوة مراقبة عاجزة.
الاحتواء شمال الليطاني = اعتراف رسمي بدويلة حزب الله
حين تتحدث باريس عن «احتواء» شمال الليطاني بدل نزع السلاح، فهي تقول بوضوح:
حزب الله باقٍ، وسلاحه شرعي بحكم الأمر الواقع، والدولة اللبنانية مجرّد ديكور.
هذه ليست سياسة، بل خيانة لمفهوم الدولة.
السعودية لا تعرقل… السعودية ترفض التواطؤ
الرياض لا تؤجّل المؤتمر لأنها متردّدة، بل لأنها ترفض تمويل دولة مخطوفة، وترفض إعطاء شيك على بياض لمن يغطّي الميليشيا.
الفرق واضح السعودية تريد حلّ المشكلة، فرنسا تريد إدارتها، وحزب الله يريد تثبيتها.
السؤال الوقح… والجواب الواضح
يسأل الدبلوماسي الفرنسي: «إذا كان نزع السلاح بالقوة مستحيلًا، فما البديل؟»
الجواب بسيط، لكنكم ترفضونه. البديل هو قرار دولي شجاع، لا فرنسي جبان
تجفيف مصادر تمويل حزب الله،
فرض عقوبات حقيقية لا شكلية،
ربط أي دعم للبنان بنزع السلاح،
وقف التعامل مع حزب الله كـ«واقع لا يمكن تغييره».
لكن فرنسا لا تريد هذا البديل، لأنها تخشى المواجهة، وتخشى خسارة دورها الزائف كـ«وسيط».
الخلاصة
فرنسا لا تحمي الاستقرار في لبنان؛
فرنسا تؤجّل الانفجار فقط، وتفعل ذلك على حساب سيادة لبنان، وكرامة شعبه، ومستقبل دولته.
ومن يغطّي سلاح حزب الله اليوم، شريكٌ في تدمير لبنان غدًا.
لبنان لا يحتاج إلى واقعية فرنسية،
بل إلى كسر هذه الواقعية الكاذبة،
لأن الدول لا تُبنى بالاحتواء، بل بالحسم.




